هاني صبري - المحامي
تحل هذه الأيام ذكري مرور خمسون عاماً على نصر حرب أكتوبر 1973 المجيدة، حيث كان الشعب المصري على قلب رجل واحد في ملحمة عسكرية مكتملة الأركان، استحضروا   فيها جنيات هذا الشعب العريق ونجحوا على كافة الاصعدة ، وجسدت الحرب آصالة المصريين وعظمة ولائهم للوطن.

فالشعب المصري العظيم بكافة طوائفه شارك فى حرب أكتوبر ، فمن لم يحالفه الحظ ليكون على جبهة القتال كانوا صمود أثناء الحرب وتماسك الجبهة الداخلية ، وضربوا أروع الأمثلة في اجتياز الصعاب ومجابهة التحديات والتهديدات والتحمل ، وتراجعت معدلات الجريمة بشكل مزهل أثناء حرب أكتوبر، شعب عظيم له مورث أخلاقي وحضاري تظهر الشدائد معادن المصريين الأصيلة.

أن الجيش المصرى مصنع الرجال لا يعرف المستحيل، ولا يعرف بديلا عن النصر، ولا يعتدى على احد وقادر علي حماية أراضيه، والتاريخ شاهد علي ذلك، ولكن إذا حاولت أيّ قوة فى العالم أن تعتدي علي مصر فالشعب والجيش قادرين علي صد أي عدوان ، والدولة المصرية الوحيدة في العالم منذ فجر التاريخ لم تتغير حدودها وهذا دليل علي قوة وعظمة مصر مقبره الغزاه وقاهره الأعداء عبر التاريخ.

حيث قدمت العسكرية المصرية نموذجاً فريداً في فنون الحرب والمعارك والتخطيط الاستراتيجي، لا يزال يُدرس حتى الآن في كبرى الكليات والمعاهد العسكرية حول العالم.. وأيضاً الشعب المصري العظيم وقف خلف جيشه وحرص على ان يوظف كل امكاناته المتاحة له لتحقيق نصراً عظيماً مسطرين ملحمة تاريخية شهد عليها العالم حتى يومنا هذا.

إن حرب اكتوبر احتوت على مواقف عظيمة من حيث الأداء العسكرى الذي أبهر العالم ، وأطاحت بنظرية الحدود الآمنة كما يفهمها حكام تل أبيب ، فقد أثبتت أن أمن إسرائيل لا يمكن أن يكفل بالدبابات والصواريخ ، وإنما يكون بعودة الأراضي المصرية كاملة لأصحابها وبتسوية سلمية عادلة  .
تجدر الإشارة أن تصريحات القيادة الاسرائيلية تؤكد اعترافهم بالهزيمة وفشل نظرية الحدود الآمنة حيث اعترفت رئيسة الوزراء الاسرائيلية جولدا مائير- في حديث لها بعد حرب أكتوبر- بأنها فكرت في الانتحار" حسب ما ذكرته صحيفة يديعوت أحرونوت الاسرائيلية 6 / 11 / 1973 .

ناهيك عن أن هيئة أرشيف الدولة فى إسرائيل في 2007 افرجت عن محضر اجتماع عاصف دار داخل مقر مجلس الوزراء الإسرائيلى بعد مرور ٢٥ ساعة فقط على اندلاع حرب أكتوبر، ويوضح محضر الاجتماع الذى دعت إليه رئيسة الوزراء، وحضره وزير الدفاع موشيه ديان، ورئيس الأركان دافيد بن اليعازر، وعدد من قادة إسرائيل، وكشفت الوثيقة، عن أن ديان طالب بترك جنوده الجرحى خلف الخطوط المصرية، ونصح قواته بالهروب من الجيش المصرى إلى ما وراء خط المضايق على عمق ٣٠ كيلومتراً داخل سيناء، أو الاستسلام للقوات المصرية.

في مشهد خالد في تاريخ هذا الوطن لم ولن ينسي المصريين ملحمة الدفاع عن أرضهم وكرامتهم، وتلاحم أبناء الشعب المصري مسلمين و مسيحيين لتحقيق النصر وكثيرين قدموا أرواحهم الطاهرة فداءاً لوطنهم واختلطت دماء المصريين في الحرب وضربوا نموذج مشرفاً للوحدة والانتماء.
أن المرحلة التى تعيشها مصر حالياً من البناء والتعمير هى امتداد لحرب أكتوبر 73، ونحن في المس الحاجة لاستعادة روح أكتوبر علي كافة المستويات حتي تتبوء مصر المكانة التي تليق بها على مستوي العالم.

لذلك يحب علينا أن نعلم أولادنا وأحفادنا قصة النصر وكيف استطاع المصري أن يفوق من كبوته ليحول النكسة إلى نصر عظيم قال عنه المورخين العسكرين أنه معجزة بكل المقاييس العسكرية.

أن الشعب المصري وقواته المسلحة الباسلة دائماً بعون الله وتوفيقه وبالعلم والإرادة وبوحدة وتماسك كل المصريين وتضافر كافة مؤسسات الدولة قادرين علي قهر المستحيلات وصناعة التاريخ والمجد.