ياسر أيوب
لا يزال جيانى إينفانتينو يواصل استمتاعه بالقيام بدور الساحر القادر طول الوقت على إبهار جمهور السيرك الكروى العالمى بما لا يتوقعه أى أحد.. ولا يزال أيضًا ينجح فى كل مرة فى أن يخرج الأرانب من قبعته المسحورة، وأن يحبس كرة القدم فى صندوق مغلق يغرس فيه السيوف، ثم يفاجئ الجميع حين يفتحه بأن اللعبة لا تزال على قيد الحياة ولم تمت أو حتى تنزف.. فقد نجح أولًا فى التخلص من كل كبار اللعبة الذين جاءوا به بعد الإطاحة ببلاتر ليكون الرئيس المؤقت للفيفا لحين ترتيب الأوراق، فأرسل إينفانتينو بعضهم للسجن، أو تقاعدوا فى بيوتهم، أو سكتوا هربًا من فضائحهم.. ونجح ثانيًا فى بيع حلم المونديال لبلدان العالم بزيادة عدد المشاركين فى المونديال إلى 48 ليصبح رئيسًا لا ينافسه أو يهدّده أحد.
ونجح أيضًا فى تغيير شكل مونديال الأندية، وحين رفضت أوروبا إقامة دورى السوبر قرر تجربته فى إفريقيا انتظارًا لتطبيقه فى آسيا وأمريكا اللاتينية ثم أوروبا.. ونجح فى إقامة المونديال المقبل 2026 فى ثلاث بلدان لأول مرة هى الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.. وأعلن، أمس الأول، قرار إقامة مونديال 2030 فى ثلاث قارات وست بلدان للمرة الأولى.. واستطاع إينفانتينو جمع كل المتنافسين على استضافة هذا المونديال ليشاهدوا معًا عرضه الجديد، حيث صفق له الجميع فى النهاية.. فمن بين المتنافسين الطامعين فى هذا المونديال كانت إسبانيا والبرتغال.. وكان إينفانتينو يميل للملف الإسبانى البرتغالى حتى لا تكبر الحرب الأوروبية ضده التى يشعل نيرانها ألكساندر تشيفرين، رئيس الاتحاد الكروى الأوروبى.. ولما كان إينفانتينو يعرف أن الأفارقة أعلنوا مؤخرًا تضامنهم مع المغرب.. فقد نجح فى ضم المغرب للدولتين الأوروبيتين.
وأرضى إينفانتينو بذلك الأفارقة مثل الأوروبيين.. والمغاربة أيضا الذين تعرضوا للظلم والخداع مرتين فى زمن بلاتر.. ولما كانت أوروجواى مع الأرجنتين وباراجواى يريدون هذا المونديال، احتفالًا بمرور مائة سنة على إقامة أول مونديال فى أوروجواى 1930.. فأعطاهم إينفانتينو مباراة الافتتاح فى أوروجواى ومباراة أخرى فى الأرجنتين، وثالثة فى باراجوى.. وتراجعت السعودية لأنها ستستضيف مونديال 2034 مع دول آسيوية أخرى سيختارها إينفانتينو.. وقال الساحر فى ختام فقرته المبهرة إنه إذا كانت السياسة تفرق العالم والحروب والاقتصاد والأوبئة، فإن كرة القدم وحدها توحد العالم.. وهنا لابد من التوقف أمام مرتين قال فيهما إينفانتينو ما يفسر سياسته ورؤيته.. فى المرة الأولى قال إنه عربى مع العرب، وإفريقى مع الأفارقة، ولاتينى مع اللاتينيين.. وفى المرة الثانية قال إن الكرة فى أوروبا، والمواهب فى أمريكا اللاتينية، والأصوات فى إفريقيا، والمال فى آسيا.