هاني صبري - الخبير القانوني والمحامي بالنقض
أصدر البرلمان الأوروبي قرارا يطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط  عن هشام قاسم وإسقاط التهم السياسية عنه، كما طلب القرار على أهمية إجراء انتخابات موثوقة وحرة ونزيهة في مصر، وحث السلطات على وقف مضايقة شخصيات المعارضة السلمية، ويُزعم القرار إدعاءات كاذبة من قيام السلطات المصرية بالقبض على عدد ثلاثة وسبعون عضواً من أعضاء الحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي المحتمل أحمد طنطاوى؛ فإن هذا الأمر محض افتراء فى محاولة بائسة لتشوية نزاهة العملية الانتخابية، وما يؤكد ذلك أن المرشح المحتمل المذكور لم يفصح عن أى من الأسماء التى يزعموا إلقاء القبض عليها.

جدير بالذكر ان الانتخابات الرئاسية  ستتم بإشراف قضائي كامل، من جهة مستقلة هى الهيئة الوطنية للانتخابات وهى هيئة قضائية أعلنت أنها تقف على مسافة واحدة من كل المرشحين وأن الانتخابات ستدار وفق الدستور والقانون وطبقا للمعايير الدولية. وتخضع قراراتها لرقابة القضاء المصرى.

 اما فيما يتعلق بالسيد/  هشام قاسم تجدر الإشارة هنا إلى أن حقيقة الواقعة هي جريمة جنائية حيث أن المتهم ارتكب جريمة سب وقذف في حق أحد رموز المعارضة السيد / كمال أبو عيطة، حيث سعت القوى السياسية المعارضة وبعض من الحقوقين المصريين التوسط لحل الخلاف وهو ما قوبل بالرفض من قبل الأخير، وجريمة أخرى هي الاعتداء على موظفين عموميين أثناء تأدية وظيفتهم. ناهيك عن هناك طعن على الحكم من قبل المتهم  والمقرر نظره يوم السبت الموافق ٧ أكتوبر 2023.، والقرار فيه محاولة منهم للضغط على القضاء المصري واستقلال القضاء  التي يطالب بها دومًا البرلمان الأوروبي نفسه، فكيف يطالب بالتدخل في استقلالية القضاء أليس هذا يمثل ازدواجية في المعايير.

 في تقديري : ان قرار البرلماني الأوربي ضد مصر مُسيس وغير مبرر وله أهداف مشبوهة ويعد انتهاكا صارخاً لاستقلال السلطة القضائية  . والقرار أيضا فيه نوع من التعالي وتصفية الحسابات يريدون فيه التدخل شؤوننا الداخلية بالمخالفة للمواثيق الدولية التي نصت على احترام سيادة الدول ومنع التدخل في شؤونها الداخلية، وهذا الحظر يشكل قاعدة قانونية آمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها.

وتنص المادة الثانية الفقرة الأولي من ميثاق الأمم المتحدة على " مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها " ، كما يقرر المثياق إنه لا يحق لأية دولة أن تتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر، ولأي سبب كان، في الشئون الداخلية والخارجية لأية دولة أخرى، وإذ ترى أن التقيد التام بمبدأ عدم التدخل بجميع أنواعه في الشئون الداخلية والخارجية للدول هو أمر ذو أهمية عظمى للمحافظة على الأمن والسلم الدوليين، ولتحقيق مقاصد ومبادئ الميثاق.

ولا يمكن بلوغ أهداف الأمم المتحدة إلا في ظروف تتمتع فيها الشعوب بالحرية وتتمتع فيها الدول بالتساوي في السيادة وتفي تماماً بمتطلبات هذا المبدأ في علاقاتها الدولية؛ وأن أي انتهاك لمبدأ عدم التدخل بجميع أنواعه في الشئون الداخلية والخارجية للدول يشكل تهديداً لحرية الشعوب ولسيادة الدول واستقلالها السياسي ولسلامتها الإقليمية، وتهديداً لتنميتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، ويجب عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول وحماية استقلالها وسيادتها، وإعلان مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقاً لميثاق الأمم المتحدة .

ووفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 36/103 المؤرخ في 9 ديسمبر 1981 إنه :-
 1- لا يحق لأية دولة أو مجموعة من الدول أن تتدخل، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، لأي سبب كان، في الشئون الداخلية والخارجية للدول الأخرى.
2- يشمل مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية والخارجية للدول الحقوق والواجبات التالية:

أولاً
(أ) سيادة جميع الدول، واستقلالها السياسي، وسلامتها الإقليمية، ووحدتها الوطنية، وأمنها، فضلاً عن الهوية الوطنية، والتراث الثقافي لسكانها.
(ب) حق الدولة السيادي غير القابل للتصرف في تقرير نظامها السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي بحرية، وفى تنمية علاقاتها الدولية وفى ممارسة سيادتها الدائمة وفقاً لإرادة شعبها دون تدخل أو تداخل أو تخريب أو قسر أو تهديد من الخارج بأي شكل من الأشكال.

ثانياً
- واجب الدول في الامتناع في علاقاتها الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها بأي شكل من الأشكال، أو زعزعة النظام السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي لدول أخرى.

- واجب الدولة في الامتناع عن أي إجراء أو أية محاولة بأي شكل من الأشكال أو بأي حجة كانت، بهدف زعزعة أو تقويض استقرار دولة أخرى أو أي من مؤسساتها .

-  واجب الدولة في الامتناع عن القيام، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بتعزيز أو تشجيع أو دعم أنشطة التمرد أو الانفصال داخل دول أخرى، بأي حجة كانت، أو اتخاذ أي تدابير تستهدف تمزيق وحدة دول أخرى أو تقويض أو تخريب نظامها السياسي.

- واجب الدولة في منع تدريب المرتزقة وتمويلهم وتجنيدهم في إقليمها، أو إرسالهم إلى إقليم دولة أخرى، وعدم تقديم ما يلزم من تسهيلات، بما في ذلك التمويل، لتجهيزهم وعبورهم.

 - واجب الدولة في الامتناع عن القيام بأي حملة تشهيرية أو قذف أو دعاية عدائية بغرض التدخل بأي شكل في الشئون الداخلية لدول أخرى.

- واجب الدولة في الامتناع عن استغلال وتشويه قضايا حقوق الإنسان، كوسيلة للتدخل في الشئون الداخلية للدول، أو لممارسة الضغط على دول أخرى، أو خلق عدم الثقة والفوضى داخل الدول أو مجموعات الدول وفيما بينها.

وهذا يؤكد وبحق مخالفة قرار البرلمان الأوربي لميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والقوانين ذات الصِّلة للتدخل في الشئون الداخلية لمصر، ويعتبر مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ومبدأ السيادة من أهم المبادئ التي تحكم العلاقات الدولية وقرار برلمان الاتحاد الاروبي حجة تتذرع بها تلك الدول لتحقيق مصالحها الخاصة، ولتشويه لمصر تحت زعم حماية قضايا حقوق الإنسان.

أن مصر دولة مستقلة ذات سيادة ولا يرهبها مثل هذا البيان الذين يريدون فيه الضغط على مصر ومحاولة فرض الوصاية أو املاءات عليها للإفراج عن بعض السجناء في جرائم جنائية ، وظناً منهم تحقيق انتصارات زائفة وإحراج الدولة المصرية للنيل من استقرارها .

بالتأكيد توجد بعض المشكلات التي تعاني منها مصر كأي دولة في العالم ، ونطالب بحلها وفق دولة سيادة القانون في الداخل ، ونحن نرفض أي دعوات للاستقواء بالخارج من أي احد ضد مصرنا الحبيبة.

نختلف فيما بيننا في الداخل من منطلق وطني ومن أرضية وطنية ونرفض التدخل في شؤوننا الداخلية تحت أيّ مسمي ، ونتفق علي دعم وطنا واستقراره ووحدته وهو الضمان لسلامة الأمن القومي المصري . حفظ الله مصر وشعبها العظيم من كل سوء.