ياسر أيوب
منذ عشرين عاما .. فازت نهلة رمضان ببطولة العالم لرفع الأثقال فى مدينة فانكوفر الكندية .. ولم تكن إبنة الورديان بالإسكندرية التى لم يزد عمرها عن 16 عاما تدرك وقتها أنها تكتب التاريخ ..
فقد كانت أول لاعبة رفع أثقال مصرية تفوز بالذهب لتفتح الطريق أمام لاعبات كثيرات يفزن ببطولات عالم وميداليات أوليمبية أيضا .. واستعادت مصر مع نهلة رمضان ميداليات الذهب فى رفع الأثقال منذ فاز إبراهيم شمس بالذهب فى ميلانو 1951 .. وباتت مصر تراهن على نهلة وتنتظر أن تفوز بميدالية أوليمبية فى دورة أثينا الأوليمبية فى العام التالى 2004 .. وسافرت نهلة إلى أثينا محملة بضغوط هائلة ومطالب جماعية بضرورة أن تفوز .. ولم تحتمل نهلة كل ذلك فخسرت قبل أن تلعب ..
الضغوط الرياضية والإعلامية والسياسية التى وضعتها مصر وقتها فوق رأسها منعتها من أن تحمل نفس الأثقال التى فازت بها ببطولة العالم فى 2003 .. ولم تغفر مصر لنهلة هذا الفشل ولم ترحمها أيضا وكانت واحدة من أكبر الجرائم الرياضية فى تاريخ مصر ..
جريمة لا تزال متكررة حتى اليوم حيث الخناجر جاهزة ليغرسها كثيرون فى ظهر وقلب أى بطلة أو بطل لم يحققوا فى دورة أو بطولة ما توقعناه وانتظرناه منهم بعد انتصاراتهم السابقة ..
وبقدر ما نقدمه لهؤلاء الأبطال حين يفوزون تكون قسوتنا عليهم حين يخسرون .. كأنه ليس مطلوبا منهم إلا فقط أن يفوزوا بالنيابة عنا أو كأنهم ليسوا بشرا يمكن أن يفوزوا ويخسروا أو يدركهم فى أى لحظة تعب أو خوف أو اكتئاب ..
وتذكرت كل ذلك حين رأيت بطلة الجمباز الأمريكية سيمون بايلز تفوز الأربعاء الماضى ببطولة العالم فى بلجيكا .. ولم تكن الميدالية الأولى لبطلة أمريكية فازت قبلها بـ 19 ميدالية عالمية و7 ميداليات أوليمبية .. لكنه كان الانتصار الأول لسيمون بعد ما جرى فى دورة طوكيو الأوليمبية الماضية حين انسحبت من المسابقات بشكل مفاجىء وأعلنت أنها باتت تشعر كأنها تحمل العالم كله فوق رأسها ..
وأنها لم تعد تتحمل كل هذه الضغوط ولم تعد تريد أن تلعب مرة أخرى حتى لو كانت ستفوز .. ولم تغضب منها أو عليها أمريكا وأهلها وإعلامها وتعامل معها الجميع كإنسانة قبل أن تكون بطلة ..
احترموا مشاعرها واضطرابها وارتباكها .. لم يتهمها أحد بأنها خذلت بلدها .. وتركوها سنتين كاملتين دون لعب لكن لم يتوقف الاهتمام بها وتشجيعها والإشادة بها حتى عادت مرة أخرى وفازت ببطولة العالم .. ومثلها نجمة التنس اليابانية ناوومى أوسكا التى عادت أيضا بعد اكتئاب حاد وعاد كثيرون حين تعامل معهم الجميع باعتبارهم بشرا وليسوا ماكينات لا مشاعر لها
نقلا عن المصري اليوم