ياسر أيوب
لا نزال ننتظر هروب أى لاعب مصرى لنشاهد حلقة جديدة من أحد أشهر وأطول مسلسلات الرياضة المصرية فى السنين الأخيرة.. ونستمتع مرة أخرى دون أى إحساس بالضيق والملل بهذا الصراع الرياضى الدرامى.. اتحادات رياضية تتهم كل من يرحلون بالسعى وراء المال.. ولاعبون صارخون أو ساكتون يرحلون وفيهم من كان المزيد من المال هو دافعه الحقيقى مقابل من لم يعد يتحمل الضغوط والفساد والاضطهاد والإهمال والمجاملات.. وكالعادة تبدأ كل حلقة من هذا المسلسل بصيحات وطنية زاعقة يقولها المسؤولون تقابلها اتهامات قاسية من اللاعبين تسخر من الاتحادات ومسؤوليها.. ولأننا فى الحقيقة بعضنا لا يحب الحقيقة ويخاف منها ويهرب من مواجهتها ويفضل بقاء الأوضاع على ما هى عليه مهما ادعينا غير ذلك.. فلم يحدث فى أى مرة أن قمنا بتحقيق جاد وكامل لنعرف دوافع الذى هرب، وهل كان المال أو الطمع فى حياة أفضل وأجمل هو الدافع الحقيقى أو الوحيد؟..
أم أنه كان صادقًا فى شكاواه، لكننا نخاف أن يكشف التحقيق فيها عن جرائم رياضية ويفضح مسؤولين قاموا بها.. وبدلًا من هذه التحقيقات التى لم ولن نقوم بها أبدًا مهما توالت وكثرت الحكايات.. اختصرنا الأمر فى المال، وأن الحل الوحيد هو زيادة المكافآت التى تقدمها الدولة لمن يفوز.. وبعيدًا عن أن أرقام المكافآت المعلنة ليست حقيقية بشهادة لاعبين كثيرين.. فإن هناك كثيرين سافروا، ليس من أجل المال، إنما هربًا من مرارة واقع مؤلم وحزين ليس فيه من على استعداد للإصغاء لهموم وأوجاع لاعبين لم يجدوا أى إنصاف أو اهتمام.. وهناك من سافروا واختاروا بلدانا أخرى رغم أنهم يملكون ما يكفيهم من مال لكنهم رفضوا التجاهل والإهانة والمظالم من مسؤولين لا يظهرون فقط إلا عند الفوز وفى حفلات التكريم.. وهناك أيضًا من لا يملكون المال لكنهم رغم ذلك يصرون على البقاء ورفع علم مصر، بشرط أن يحترمهم مسؤولو الرياضة فى مصر.. وفى كل الأحوال يبقى الخطأ الفادح والفاضح هو التعميم مع أن كل لاعب هو حالة شديدة الخصوصية، ولابد من التعامل معها بهذا المنطق.. وإذا قيل إن هناك تحقيقات تجرى عند هروب أى لاعب فأين إثبات أنها تحقيقات حقيقية وليست لمجرد الانتظار لأن تهدأ الأمور.. وأقول ذلك الآن كناقد فنى يتوقع أحداث حلقة جديدة من مسلسل الهروب.
نقلا عن المصرى اليوم