محمد أبو الغار
وسائل التواصل الاجتماعى أصبحت حقيقة واقعة تعيش معنا ونعيش معها، سواء رضينا أم لم نرض. فقط انظر إلى هذه الأرقام لتعرف حجم الوسائل وأهميتها. يستخدم وسائل التواصل الاجتماعى فى العالم ٤.٩ بليون نسمة من مجموع ٧.٩ سكان الكرة الأرضية، وفى مصر يستخدم الوسائل ٤٦.٢ مليون نسمة من ١١٠ ملايين نسمة. فى العالم كله يتردد على الفيسبوك ٢٩٥٨ مليون نسمة، وهو ثلاثة أضعاف عدد سكان أوروبا، وثمانية أضعاف سكان أمريكا الشمالية. واليوتيوب يتردد عليه ٢٥١٤ مليونًا، والواتس آب ٢٠٠٠ مليون، ومثله الإنستجرام، والتيك توك ١٠٥١ مليون مستخدم. والإحصائيات خطيرة، فمثلًا ٨٧٪ من مستخدمى الإنترنت يستعملون الفيسبوك، و٨٤٪ الواتس آب. و٩٧٪ من أكبر ٥٠٠ شركة فى العالم تستخدم وسائل التواصل الاجتماعى. وشركة الفيسبوك تقيم سعرها بمبلغ ٧٧٠ بليون دولار، وأرباحه السنوية ١١٧ بليون دولار، وهى تمتلك الفيس بوك والإنستجرام وجزءًا صغيرًا من واتس آب.
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعى جزءًا هامًا من تسويق جميع الشركات الكبرى فى العالم. العملاء يعتبرون أن أى شركة كبيرة لا بد أن تكون متواجدة على وسائل التواصل الاجتماعى، وعليهم أن يكونوا مستعدين للإجابة على أسئلة العملاء. ويمكن الدعاية لمنتج معين بعدة طرق ولغات وعبر منصات مختلفة. وتستخدم الشركات وسائل التواصل لإجراء استفتاء لتقييم منتج معين. وقد قيمت مجلة هارفارد بيزنس تأثير السوشيال ميديا على أى منتج ومجرد الإجابة والرد من الشركة على العميل المحتمل له تأثير إيجابى ضخم. أصبحت السوشيال ميديا وسيلة ممتازة للتوصل إلى شخصيات عندها المؤهلات المناسبة لوظيفة معينة. وقد استفاد البزنس الصغير من السوشيال وكبر عن طريقها. جمعيات وهيئات حقوق الإنسان تستفيد جدًا من هذه الوسائل. اكتشاف الموسيقى المختلفة القديمة والحديثة يمكن التوصل إليها ومعرفتها عن طريق هذه الوسائل.
الآن هناك أميون فى مصر يستخدمون اليوتيوب فى تليفونهم البدائى البسيط.
يتساءل البعض: هل يمكن للحكومات أن تمنع بث جميع وسائل التواصل الاجتماعى؟، وبالطبع يمكن ذلك عن طريق منع الإنترنت تمامًا عن هذه الدول، وهذا مستحيل لأنه يعنى أن تتوقف البنوك والشركات وخطوط الطيران والقطارات وجميع الأعمال، وقد أصبح ذلك صعبًا جدًا وخطرًا لأنه سوف يؤثر على البيزنس، ولذا توقفت معظم الدول عن محاولات إغلاق الإنترنت لمخاطرها الشديدة على الاقتصاد وعلى سمعة البلد دوليًا.
المصريون فوق ١٨ عامًا من العمر منهم ٦١٪ نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعى ويقضون ساعتين ونصف يوميًا فى مشاهدتها، ويقضون ٣.٣ ساعة فى مشاهدة برامج تليفزيونية وأفلام.
فى مصر ٩٤٪ من السكان يملكون تليفونًا يمكن استخدامه على الإنترنت. ويستخدم المصرى الإنترنت فى المتوسط سبع ساعات و٤١ دقيقة يوميًا. والوسائل المستخدمة فى مصر بترتيب استخدامها: أولًا الفيس بوك، ويليه الرسائل على الخاص، ثم واتس آب، وبعدها الإنستجرام، ثم التيك توك، وأصبح ٨٥٪ ممن يملكون تليفونًا يستعملون فيس بوك.
وسائل التواصل تستخدم فى المناقشة بين جموع الناس والتواصل مع الأصدقاء، وإرسال معلومات للعامة، وتتميز بأنها وسيلة رخيصة وتستخدم فى أى وقت خلال الـ ٢٤ ساعة ويمكن استخدامها فى الدعاية لمنتج معين أو لمرشح فى انتخابات أو تبادل الأخبار.
الإعلان عن خبر فى وسائل التواصل الاجتماعى لا يكلف شيئًا إذا لم تتم إعادة نشره ووضعه فى أماكن متقدمة. ولكن إذا دفعت رسومًا إلى شبكة الوسائل فإن هذا الإعلان يتم نشره بطريقة متكررة ويكون هو أول شىء يظهر عند فتح الشبكة، وكلما زاد الاشتراك كلما ازداد ظهور الإعلان وإرساله إلى الذين يستفيدون من هذا الإعلان.
السوشيال ميديا لها مميزات كثيرة، أولها قدرة أى إنسان فى أى مكان، مهما كان معزولًا، أن يبث خبرًا، أو أن يعلن عن رأيه فى قضية، أو يحكى حكاية يعتقد أنها مسلية للجماهير المختلفة، أو يقدم نقدًا لفيلم أو مسرحية أو كتاب أو أغنية أو رأيًا سياسيًا، وإذا كان ما كتب ينول الإعجاب سوف يقرأه الكثيرون، وسوف يرسلونه لبعض، بحيث فى النهاية يقرأه عدد كبير قد يصل إلى عشرات الآلاف فى أحيان معينة.
السوشيال ميديا أصبحت وسيلة للإعلان عن الوفيات، حتى إن صفحات الوفيات فى الصحف أصبحت محدودة بسبب نشر النعى فورًا ومجانًا. أيضًا سرعة نشر أخبار الحوادث، فحين حدوث حريق ضخم أو تصادم كبير هناك متواجدون بجوار الحدث يصورونه ويضعونه على فيس بوك مع بعض كلمات الشرح. يتم ذلك قبل وصول مصورى التليفزيون والصحف والشرطة.
مشكلة الأخبار المرسلة أنها لا تراجع مع أحد وترسل على مسؤولية صاحبها وقد تكون أخبارًا مسيئة، تتدخل إدارة الفيس وتتم معاقبة من يقوم بالإساءة، ولكن هناك أخبارًا كاذبة صعب التحقق من كذبها ولكن سرعان ما يعلن الكثيرون أنها كاذبة.
وهناك مخاطر من إدمان الشاشة وضياع وقت طويل والتشويش على العقل البشرى.
هناك أمر هام وهو علاقة الصحافة بالوسائل. الصحافة الناجحة هى التى تقدم أخبارًا طازجة غير معروفة تهم الناس، ثم آراء فى مختلف القضايا، وأن تكون عندها الحرية فى نشر أى خبر تتأكد من صحته. مثلًا أهم صحيفة فى العالم، النيويورك تايمز، عندها ٧٦٢ ألف مشترك على الجريدة الورقية فى عام ٢٠٢٢، و٨.٦ مليون مشترك على وسائل التواصل. نشر الخبر على الصحيفة فى الوسائل يكون فى الأغلب مصدقًا لأن الصحف تتحرى الدقة، أما نشرها بواسطة الأفراد فكثيرًا ما يكون غير دقيق. وفى الحالات التى يكون هناك فيها رقابة على الصحف تكون وسائل التواصل هى المكان الذى يقرأه الملايين حتى لو كانت بعض أخباره كاذبة وبعض آرائه فجة.
المستقبل واضح أن معرفة الأخبار ومشاهدة الأفلام والمسلسلات والمسرحيات والعروض الموسيقية سيكون على الشاشة. وعلى الصحف أن تجد وسيلة لتبيع منتجها على الإنترنت باشتراكات، ولكن ذلك لن يحدث إلا إذا قدمت أخبارًا وآراء لن تجدها على وسائل التواصل الاجتماعى.
الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى تملأ حياتنا فى العمل وفى السفر وفى الترفيه، وهى المستقبل ولا بد أن يتعامل الجميع معها على أنها حقيقة واقعة.
قوم يا مصرى مصر دايمًا بتناديك
نقلا عن المصرى اليوم