د. وسيم السيسي
وُلدت ١٣٨٠ ق. م، وغادرت عالمكم ١٣٣٦ ق. م، عن عمر ٤٤ عامًا، حكمت ١٧ عامًا، كان اسمى أمنحوتب الرابع، فغيرته إلى إخناتون، أي المفيد لآتون، هذا الاسم الذي أخذه الخابيرو أو البدو، وأطلقوه على اسم إلههم أتوناى، والذى أصبح أدوناى، كما جاء في التوراة.
كنت شابًّا رومانسيًّا حالمًا، بينما كانت الدولة في حاجة إلى ملك مثل تحوتمس الثالث، مؤسس الإمبراطورية. تقولون إنى أول مَن نادى بالتوحيد، وهذا خطأ كبير، فقد كان التوحيد موجودًا في مصر منذ الأسرة الأولى، وأنا من الأسرة ١٨، أنا ناديت بتوحيد المذاهب، وأن تكون الآتونية بدلًا من الآمونية، بل نادى بالتوحيد من قبلى أودريس، مينا، إيمحوتب، بل إن كلمة آتون ظهرت من قبل ميلادى على متون الأهرام!.
كنت متعصبًا، مسحت اسم آمون أينما كان، بل مسحته عن اسم والدى أمنحوتب الثالث، بل هاجمت الإدريسية «أوزوريس» وقلت: لا ثواب ولا عقاب بعد الموت، بل تذهب الأرواح إلى أرض بعيدة، أخذ الخابيرو أو العابيرو أو اليهود هذا المذهب، وأطلقوا على هذه الأرض اسم: أرض شيول، أي أرض الظلمات، وظلوا على هذا الرأى حتى ٥٠٠ ق. م. ثار علىَّ المصريون لأنى حرمتهم هذا الحلم الجميل: حياة بعد هذه الحياة، لذا أطلقوا علىَّ: الملك الكافر، المارق، كما أطلقوا على تل العمارنة، الأرض النجسة، ذلك لأنى غادرت طيبة، وبنيت مدينتى تل العمارنة «المنيا» ٣٠٠ كيلومتر بعيدًا عن طيبة «الأقصر»، كما حذفوا اسمى من سجل الملوك، ونهايتى ليست مؤكدة.
كان جسمى أنثويًّا، ذا حوض أنثوى، أثداء ناهدة، وجه طويل، مما جعل علماء الغدد الصماء يختلفون في أمرى، قالوا مارفان، وقالوا فروليخ، وقالوا كلينفلتر، قربت خادمًا أجنبيًّا منى، وكان اسمه توتو، حتى إن أمراء الممالك كانوا يتقربون إلىَّ من خلاله، أهملت الدولة، كان قادة الجيوش يصرخون، عشرات الرسائل، ولا أرد عليهم، رسالة تقول: تونيب تبكى يا ملك مصر، لو كنت تحوتمس الثالث، لما تركتنا أبدًا، سوف تبكى يا ملك مصر كما نبكى الآن. كنت مشغولًا بأناشيدى الدينية، التي أخذها اليهود ونسبوها للملك سليمان، خصوصًا المزمور ١٠٤ في سفر المزامير، كان في حياتى محظية من قبائل الخابيرو تُدعى كيا، ادّعى البعض أنى أنجبت منها توت عنخ آتون، الذي غير اسمه بعد وفاتى إلى توت عنخ آمون، هذا الادعاء الخبيث حتى يعلنوا أن توت كان عبرانيًا، والواقع أن توت ابنى من زوجتى الجميلة نفرتيتى، التي هجرتنى، وعاشت بعيدًا عنى في تل العمارنة لأنى تأثرت بوالدتى الملكة «تى»، وكدت أتخلى عن الآتونية، التي جلبت الفتن والشقاق والخراب إلى مصر.
عثرتم على ٣٣٧ رسالة بالكتابة الأكادية في تل العمارنة، وكان ذلك ١٨٨٧م توضح الحالة السياسية المضطربة في عصرى، تسلمت مصر إمبراطورية، وسلمتها ضعيفة مطمعًا لخيتا وميتانى. حاولوا اغتيالى لولا يقظة الحراس، وبعد وفاتى دمر الكهنة كل آثارى، واعتبروا كل ما تركته نجسًا. يرانى اليهود الآن أنى النبى موسى، ويسجدون أمام تمثالى في المتحف المصرى، كاتب هذه السطور شاهد واحدًا منهم!. كان فرح الآمونيين عظيمًا لموتى، كانوا ينشدون لآمون، الذي ترددون اسمه بعد كل صلاة: آمين:
الويل لمَن يهاجمك/ ومَن يهاجمك يهوى/ وشمس مَن لا يعرفك تغيب/ ومعبدمَن يهاجمك في ظلام.
ليس كتاريخى عبرة ودرسًا، لا تخربوا بلادكم بهذه السخافات.
إنما الأديان للديان كلها/ لو شاء ربك وحّد الأقواما.
نقلا عن المصري اليوم