القمص يوحنا نصيف
هذه القصّة الحقيقيّة حدثت منذ أكثر من أربعين عامًا، وقد كنتُ شاهدَ عيانٍ عليها.. فقط قمتُ بتغيير اسم صاحب القصّة، لأنّه لايزال يحيا معنا بالجسد.
"مينا" فتى نشيط مواظب على حضور مدارس الأحد والقدّاسات، سِنّه تجاوز الرابعة عشرة بقليل، حدَثَ معه موقف عجيب في المدرسة..
كان واحدٌ من زملائه غير المسيحيّين يعامِله معاملة خشنة بعض الشيء، على الرغم مِن أنّ "مينا" كان يحترم الجميع..
حدث أنّ هذا الزميل أصيب بمرض صدري ألزمه الفراش، ثمّ تمّ نقله إلى مستشفى للأمراض الصدريّة، ببلدة مجاورة لأنّ البلدة التي كان يسكن فيها "مينا" لم يكن بها مستشفى خاصّة بالأمراض الصدرية.
عندما طال تَغَيُّب هذا الزميل عن المدرسة، سأل "مينا" عليه، ولمّا عرف بقصّة مرضه اتّفق مع مجموعة من زملائه أن يسافروا ليسألوا عن زميلهم المريض، وفعلاً حددوا يومًا للذهاب بعد المدرسة وسافروا مع بعضهم بالأتوبيس، وقد أخذوا معهم هديّة قيّمة.
عندما وصلوا إلى المستشفى، كان من تدبير الله أنّهم ذهبوا في الميعاد المسموح به للزيارة وهم لا يدرون.
صعدوا إلى الدور الثالث لزميلهم الذي فوجئ بهم، وعندما وقعَت عيناه على "مينا" دُهِش جدًا، وبالكاد استطاع أن يمنع دموعه من التساقُط.. وبعد أن قضوا معه وقتًا طيبًا، عادوا لبلدتهم.. ولمّا طالَت فترة الغياب زاره "مينا" مرّة ثانية وثالثة، إلى أن عاد لبلدته ومدرسته..!
ومنذ ذلك اليوم، تغيّرت العلاقات تمامًا ما بين "مينا" وهذا الولد، فقد بدأ الولد يحبّه ويحترمه جدًا، وشعر بحلاوة المسيحيّة التي يعيشها "مينا".. فهو كان ينفذ ببساطة وصية المسيح: "إن أحببتم الذين يحبونكم فأيّ فضل لكم، أليس العشارون أيضًا يفعلون ذلك... كونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل". (مت5: 46-48).
+ تنفيذ وصايا الإنجيل هو أعظم شهادة للمسيح وسط العالم. والمحبّة التي أحبّنا بها المسيح وأودعها في قلوبنا، هي رأسمالنا الروحي، والتي عن طريقها تنتشر رائحة المسيح الذكيّة في كلّ مكان، فتجتذب الكثيرين لمحبّته ومعرفته..!
القمص يوحنا نصيف