مع اشتعال المعارك في قطاع غزة ثارت حالة من التعاطف بين شعوب الوطن العربي لا سيما مع سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين، ما أدى لانطلاق حملات تهدف لمقاطعة شركات ومنتجات بعينها يُعتقد أنها داعمة لإسرائيل أو للعمليات العسكرية في قطاع غزة، مثل سلاسل ماكدونالدز وستاربكس وغيرها.
هذه الدعوات دفعت شركة مانفودز المالكة لعلامة ماكدونالدز في مصر لإصدار بيان تؤكد أنها مصرية 100 بالمئة، وتوفر فرص عمل للمواطنين، وأن علاقتها بالشركة الأم تقتصر على استخدام العلامة التجارية فقط والحصول على الخبرة والمعرفة اللازمتين.
ويبدو المواطن العربي في حيرة من جدوى الاستجابة لمثل هذه الدعوات، وتأثيرها سواء على الشركات المستهدفة، أو حتى على الاقتصاد المحلي للبلدان العربية.
ويوضح رشاد عبده، الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية أن هذا الأمر له شقان، الأول له علاقة بالتأثير على الشركات الأم المستهدفة، والشق الثاني مرتبط بالتأثير على الاقتصاد المحلي.
وفيما يتعلق بتأثير المقاطعة على الشركات داخل العالم العربي أفاد الخبير الاقتصادي أنه:
يجب معرفة طبيعة الشركات المستهدفة هل هي أجنبية بالفعل أم مصرية.
هناك ما يعرف بحق الامتياز التجاري، والذي يعني بيع الشركة الأم حقوق استغلال علامتها التجارية مقابل مبلغ مالي معين سنويا، وهو ما ينطبق على شركة مثل ماكدونالدز في مصر والمنطقة العربية فهي ليست فروعا للشركة الأم.
الشركات المحلية التي تحصل على حق الامتياز التجاري تعتمد على المجتمع المحلي في العمالة والبضائع، وبالتالي فإن مقاطعة هذه الشركات يعد عقابا للمستثمر سواء المحلي أو الأجنبي والذي قد يغلق نشاطه ويطرد العمالة، وهو ما لا يخدم أي قضية، وقد يبعث رسالة لمستثمرين آخرين بخطورة الاستثمار في البلاد.
معظم الشركات في مصر تعمل بنظام حق الامتياز التجاري وليست شركات أصلية، والشركات الأصلية تبيع اسمها فقط مقابل مبلغ مالي ولا تتعرض لأي ضرر من المقاطعة في مثل هذه الحالات.
يفترض أن تقوم دار نشر أو جمعية كبيرة أو وكالة معروفة بنشر التوعية بين الناس وتوضيح ما إذا كانت الشركات حاصلة على حق استغلال الاسم أم لا، وهل الفروع تعمل من خلال حق الامتياز التجاري أم لا.
وجود تحليلات ومقارنات تخص كل شركة يساعد في تحديد ميول كل شخص واتجاهاته، وبناء عليه يقرر الإقبال على المنتج أو العزوف عن شرائه، ودون توافر هذه المعلومات فلا معنى لأي مقاطعة.
مصر بها 100 مليون مستهلك والشباب لا يأكلون كثيرا في المنازل، ويعتمدون على الطعام الجاهز من المطاعم، وهو سوق كبير يستطيع التأثير على أي شركة.
يفضل في مثل هذه المواقف الاعتماد على البعد العربي المتكامل، وتفعيل اتحاد الغرف العربية والذي يمكنه توضيح الموقف من المنتجات التي يجب شرائها والتي لا يجب شرائها، وهو اتحاد يستطيع الضغط على أي شركة بما يخدم القضايا العربية.
لا يجب على المواطن العادي اتخاذ أي رد فعل قبل فهم ما يفعل وتأثيره حتى لا يضر بلاده والاستثمار فيها.
وحول تأثير فكرة المقاطعة على ما يطلق عليها الشركات الداعمة لإسرائيل أوضح رشاد عبده أنه:
في المدى القصير لن تؤثر فكرة المقاطعة على إسرائيل بسبب الدعم الأميركي الكبير لها، والتعويضات التي ستدفعها الولايات المتحدة لتل أبيب وهو ما شدد عليه الرئيس الأميركي جو بايدن، وأكد أنه طلب من الكونغرس الأميركي تمويلا لدعم إسرائيل.
خسائر إسرائيل الاقتصادية بسبب الحرب كبيرة للغاية، وأقل درجة فيها هي المقاطعة، لأنها خسرت في المجال السياحي، وانهارت البورصة، وتراجعت العملة بشدة، فضلا عن المستثمرين الذين تركوا البلاد سواء من الأجانب، أو حتى من الإسرائيليين.