د. أمير فهمى زخارى 

الحاكم الذي ادعى الألوهية ومنع أكل الملوخية...
السايكوباثية هي اضطراب في الشخصية يتميز صاحبه بالعديد من الصفات، أهمها سلوك ضد المجتمع (anti-social)، والغطرسة والخيانة والتلاعب بالآخرين، مع افتقاد الشعور بالتعاطف مع ضحاياه، وعدم الشعور بالذنب أو الندم على أفعاله الخاطئة، وهو أمر غالبا ما يقود إلى سلوك إجرامي.
تاريخ حكم الحاكم بأمر الله
الحاكم بأمر الله هو المنصور بن العزيز بالله نزار بن المعز لدين الله معد بن المنصور إسماعيل بن القائم بأمر الله محمد بن عبيد الله المهدي. لقبه الحاكم بأمر الله، وكنيته أبو علي. وهو الخليفة الفاطمي السادس، والإمام الإسماعيلي السادس عشر.
ولد الحاكم بأمر الله سنة 375 هـ الموافق لعام 985م. وقد تولى الملك بعد موت أبيه مباشرة في رمضان سنة 386هـ، وهو في عمر الـ11 عاما. واستمرت فترة حكمه 25 عامًا، ذلك حتى اختفائه ومقتله سنة 411 هـ الموافق لعام (1021).
المسيحيون واليهود.....
أصدر الكثير من المراسيم والأحكام الشاذة بحقهم ومنها:
- تمييز أهل الذمة في الشوارع، وذلك عبر إلزامهم بارتداء ملابس معينة، وارتداء علامات مميزة لهم. وقد ألبس اليهود العمائم السود. فيما ألزم المسحيين بلبس ثياب الغيار “نوع من الأثواب علامةً عليهم”، وشد الزنار “نوع من الأحزمة” في أوساطهم.
- أمر المسحيين بأن يحملوا فى أعناقهم الصلبان، طول الصليب ذراع ووزنه خمسة أرطال. فيما يحمل اليهود في أعناقهم قرص خشب في زنة (وزن) الصلبان.
- أمر المسيحيين واليهود بألا يركبوا مع المسلمين فى سفينة، وألا يستخدموا غلاما مسلما، وألا يركبوا حمار مسلم، ولا يدخلوا مع المسلمين حماما.
- منع المسيحيين من الاحتفال بعدد من الأعياد التى كان يحتفل بها شعبيّا كـ”عيدي الصليب والشعانين”. كما منع التظاهر بما كانت عاداتهم فعله فى أعيادهم من الاجتماع واللهو.
- هدم عددًا كبيرًا من الكنائس والأديرة والمعابد، وأباح ما فيها للناس فنهبوا ما فيها من خيرات.
المسلمون وأهل السنة.......
ولم تسلم أركان الإسلام وأصحاب المذهب السني من شطحات الحاكم بأمر الله. وكان هناك عدد من الأحكام والمراسيم الشاذة بحقهم أيضًا، ومنها:
- أصدر سنة 400 هـ سجل بإلغاء الزكاة ومنع صلاة الضحى.
- حاول أن يعدل بعض الأحكام الجوهرية كالصلاة والصوم والحج. وقيل إنه شرع في إلغائها، أو أنه ألغاها بالفعل.
- ألغى صلاة الجمعة (التي يصليها) في رمضان. وكذلك ألغى صلاته في العيدين، وألغى الحج، وأبطل الكسوة النبوية.
- أمر بسب عدد من أصحاب الرسول، وعلى رأسهم أبي بكر الصديق وعمر الخطاب وعثمان بن عفان والسيدة عائشة ومعاوية بن أبي سفيان. وكتب ذلك على أبواب المساجد. ولاسيما جامع عمرو، وعلى أبواب الحوانيت والمقابر، ولون بالأصباغ والذهب، وأرغم الناس على المجاهرة به ونقشه في سائر الأماكن.
- منع صلاة التراويح عشر سنين، ثم أباحها.
- بنى بين الفسطاط والقاهرة مسجدا عظيما على ثلاثة مشاهد. وكان يريد أن ينقل إليه جسد النبي صلى الله عليه وسلم. غير أن وقوف أهل المدينة له منع حدوث ذلك.
- أصدر سجلاً بأن يؤذن لصلاة الظهر في أول الساعة السابعة ويؤذن لصلاة العصر في أول الساعة التاسعة.
غرائب وعجائب....
ولكثرة غرابة وشطحات قرارات الخليفة الفاطمي تجاه المصريين، لاتزال تلك القرارات متداولة في الثقافة الشعبية للمصريين. حيث إنها لم تقتصر على الطوائف الدينية المخالفة له. وترصد كتب التاريخ العديد من تلك القرارات تجاه عوام الشعب المصري، ومنها:
- منع وتحريم عدد من الأطعمة ومنها أكل الملوخية والخضار المسماة بالجرجير لأن عائشه كانت تحبها والمتوكلية المنسوبة إلى المتوكل (صِنفا شهيرا كان يُطهى بالقلقاس ويسمى بالمتوكلية؛ لأنه سُمِّيَ باسم الخليفة العباسي المتوكل الذي كان سُنيّا).
- أصدر أوامره بألا يدخل أحدا الحمام إلا بمئزر، وألا تكشف امرأة وجهها في طريق ولا خلف جنازة ولا تتبرج.
- لا يباع شيء من السمك بغير قشر، وألا يصطاده أحد من الصيادين.
- أمر الناس بمصر والحرمين إذا ذكر الحاكم أن يقوموا ويسجدوا في السوق وفي مواضع الاجتماع.
- أمر بقطع الكروم -أشجار العنب- ومنع بيع العنب، ولم يبق في ولايته كرما. وكذلك أراق خمسة آلاف جرة عسل في البحر، خوفا من أن تعمل نبيذا.
- منع النساء من الخروج من بيوتهن ليلا ونهارا. وهو القرار الذي استمر لأكثر من 8 شهور.
18 ألف قتيل
اتبع الحاكم بأمر الله منهج الفتك والقتل في تعامله مع الرعية، سواء كانوا من المقربين إليه وحاشيته، أو من كان من أهل الذمة -المسيحيين واليهود- أو مع أهل السنة وعلمائهم والمخالفين لمذهبه الشيعي. وتوثق كتب التاريخ روايات القتل في عهد الخليفة المجنون. وقد طالت الزعماء ورجال الدولة والكتاب والعلماء حتى أباد معظمهم. هذا عدا من قتل من الكافة خلال هذه الأعوام الرهيبة، وهم ألوف عديدة.
وتقدر الرواية المعاصرة ضحايا الحاكم بثمانية عشر ألف شخص من مختلف الطبقات.
وكان أشد الناس تعرضا لهذه النزعات الدموية، أقرب الناس إلى الحاكم من الوزراء والكتاب والغلمان والخاصة. ولم يكن عامة الناس أيضًا بمنجاة منها، فكثيرا ما عرضوا للقتل الذريع لأقل الريب والذنوب أو لاتهامهم بمخالفة المراسيم والأحكام الشاذة التي توالى صدورها طوال حكمه.
حيث قام بالانقلاب على محظياته وزوجاته وأبنائه وطردهم من القصر حيث أخذتهم أخته ست الكل في قصرها.
نهاية حياته....
في إحدى الليالي خرج الحاكم يطوف حول جبل المقطم بحماره، و لم يعد!!. وقد جاء في كتاب «الإسماعيليون.. تاريخهم وعقائدهم»، إن الحاكم بأمر الله اغتيل بناء على أوامر «ست الملك»، حيث أصبح الخليفة يُهدد حياتها بالخطر، وطبقًا لرواية أخرى، فإنه قد قُتل وأخفيت جثته بعناية.
ولكن ياتري ايه سبب تصرفاته الغريبة دي؟! 
يذكر البعض أنه تعرض وهو في عمر ال8 لمرض اسمه المالنخوليا يعني الاكتئاب الحاد ويذكر البعض الآخر أنه عنده مرض الانفصام في الشخصية بسبب تصرفاته المتناقضة..
دى قصه حاكم حكم مصر 25 عاما ... ولسه مصر باقيه ...
ودي بعض أبيات من قصيده كتبها احمد فؤاد نجم قولت أختم بيها مقالى اليوم:
مصر يا امّة يا بهية يام طرحة وجلابية
الزمن شاب وانتي شابة هو رايح وانتي جاية
جاي فوق الصعب ماشية فات عليكي ليل ومية
واحتمالك هو هو وابتسامتك هى هى تضحكي للصبح يصبح
بعد ليلة ومغربية تطلع الشمس تلاقيكي معجبانية وصبية
 تحياتى.