عيد اسطفانوس
زاد من تعقيداتها أنها القضيه الوحيده فى الكوكب على الاطلاق ذات الجذور اللاهوتيه فى الاديان الثلاثه، ليس كتراث أو مرويات ولكن بنصوص مسهبه فى كل الكتب  ، من هنا  كان الصراع مقدسا منذ اليوم الأول  وبرع الفقهاء فى تفسير وتأويل النصوص كل بما يوافق رؤيته وطموحاته ، لهذا كان الحشد الدينى هو أنجع وأنجح طرق الحشد وقد كان هذا الاسلوب متبعا  فى الحروب  الصليبيه بسبب سلطة الكنيسه وهيمنتها  على كل مناحى الحياه فى أوربا ، وعندما زالت سلطة الكنيسه زال معها اصطباغ  القضايا بالصبغه الدينيه ،وحتى هتلر تعامل مع اليهود كعرق وليس كدين كما تعامل مع الغجر والسود وغيرهم بمبدأ التطهير العرقى وليس الدينى ، وفى الحرب العربيه اليهوديه الاولى  كان التجييش عرقى أو بالأحرى قومى  بامتياز عرب ويهود ولم يكن للوازع الدينى تأثير كبير على الأقل من الجانب العربى ، فقد كانت مشكله سياسيه جغرافيه بامتياز وكان قرار التقسيم الذى قامت الحرب بسببه يدعو الأطراف بأعراقهم عرب ويهود ، الا أن نتائج الحرب وهزيمة الجيوش العربيه  حولت القضيه الى قضيه دينية لاضافة هاله من القداسه عليها وجلب أكبر دعم ممكن ، وعلى الجانب الآخر استغل اليهود (كعرق) مافعله هتلر لترسيخ عقدة الذنب فى كل أوربا التى كان أبرز نتائجها هو الدعم التاريخى  المستدام (الى اليوم) لوطن اليهود القومى (الجديد) ، وتسابق كل من طالته شبهة دعم جرائم  هتلر ليقدم مساهمه غير مشروطه للحركة الصهيونية فى جلب الاموال أو جلب المهاجرين الجدد (لأرض الميعاد) ، بالاضافه  لحركات مسيحيه اصوليه تبنت التأثير على الرأى العام فى أوربا الخارجه للتو من الحرب .

أما الدعم الأكبر الذى فقد جاء من العرب أنفسهم فقد تنامى العداء لليهود فى المناطق العربيه التى كانوا مكون تاريخى فى معظمها  اليمن والمغرب العربى ومصر والشام وخصوصا بعد حركة الضباط الاحرار فى مصر وأحزاب البعث فى الشام وبدأت موجات نزوح كثيفه الى فلسطين كان تاثيرها كبيرا على الوضع الديموجرافى لفلسطين حتى اليوم .

وقد كان رد الفعل العاجز بعد هزيمة يونيو هو أن تيارات الاسلام السياسى والتيارات الاصوليه بدأت فى تحويل القضيه السياسيه الجغرافيه  الى قضية لاهوتيه بامتياز، بالاضافه الى التوصيفات العنصرية الفجه التى تبناها السلفيون ،ولقد كانت عواقب هذا التحول وخيمه على القضيه (وماتزال) فقض انفض عنها معظم مؤيدوها ، فأوربا التى ذاقت مرارة الحرب والعنصرية تحت راية الكنيسه لديها حساسيه مفرطة تجاه هذا النوع من الحشد الدينى ، وبالتبعيه اصطبغت المقاومه بالصبغه الدينية ورد اليهود بالمثل صعد المتطرفون الدينيون الى الواجهه وأصبحت الكراهية المتبادله كراهيه مقدسه محتبسه فى الصدور تنفجر كل مالمست شراره من هنا أو من هناك ،كما علت الحواجز بين الشعبين وقد كان يمكن للأديان وقيمها العليا أن تشيع الحشد للسلام والسماحه والتعايش ولكن قدر الله وما شاء فعل وها نحن فى مشهد عبثى انفجر بركان الكراهيه ونفث دما وقتلا ورعبا ودمارا  ولله عاقبة الامور .