( 1923 – 1991 )
إعداد/ماجد كامل 
لقد كان القدس الراحل '>للمتنيح الأنبا باسيليوس مطران القدس الراحل ( 1923- 1991 ) دورا كبيرا في الدفاع عن الممتلكات القبطية في القدس بصفة عامة ودير السلطان بصفة خاصة ؛ كما كان له دور كبير في تطوير التعليم الديني في الكنيسة القبطية خصوصا في مجال تاريخ الكنيسة  حتي اختاره المرحوم الدكتور عزيز سوريال عطية  ( 1898 – 1988 )  ضمن قائمة المحررين Editors  في الموسوعة القبطية  Coptic Encyclopedia كما سوف نري في هذا المقال .أما عن الأنبا باسليوس نفسه فأسمه في الميلاد "سامي تاوضروس جرجس " ولد في يوم 1 نوفمبر 1923 بمدينة أسيوط من أبوين تقيين ؛ وكان ترتيبه الخامس وسط كل أخوته (4 أولاد وبنتين) . 
 
ولقد أظهر نبوغا كبيرا في مراحل دراسته الأولي ؛ وعندما حصل علي شهادة البكالوريا ( ما يعادل الثانوية العامة حاليا ) انتقل للقاهرة وأظهر رغبة قوية في الالتحاق بالكلية الاكليركية  ؛ فتقابل مع المتنيح الارشيدياكون القديس حبييب جرجس ( 1876- 1951 )وابدي رغبته في الدراسة بالكلية ؛فاعتذر الارشيدياكون نظرا لبدء الدراسة منذ حوالي شهرين من جهة ؛ ونظرا لصغر سامي تاوضروس من جهة أخري ؛ فالح عليه سامي تاوضروس وطلب منه السماح له بالالتحاق بالكلية الاكليركية ؛ ولو رسب ولو في مادة واحدة يحق له فصله نهائيا ؛ فقبل الارشيدياكون حبيب جرجس التحدي ؛ وكانت المفاجأة ان الطالب سامي تاوضروس نجح بامتياز في السنة الأولي من  بدء الدراسة وقبل التحدي ؛ واستمر في النجاح في الدراسة حتي تخرج من الاكليركية عام 1943 (وكان زميله في نفس الدفعة المتنيح الدكتور وهيب جورجي أستاذ العهد القديم كما روي لي ذلك بنفسه الدكتور وهيب ) .وبعد تخرجه عمل مدرسا للدين بمدرسة رزق الله مشرقي الثانوية بجرجا خلال السنوات من ( 1943 – 1946 ) أنشأ خلالها مدرسة رزق الله مشرقي الإبتدائية وصار ناظرا لها . وفي نهاية عام 1946 أشتاقت نفسه للرهبنة ؛ وتوجه الي دير القديس العظيم الأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر ؛ وترهب بأسم الراهب "كيرلس الأنطوني"  وفي عام 1950 أصدر باكورة كتبه " كوكب البرية " عن حياة القديس العظيم الأنبا أنطونيوس ؛ وفي عام 1952 صدر كتابه المرجعي الهام " عصر المجامع " ( والذي مازال يعتبر واحدا من أفضل الكتب التي صدرت عن المجامع المسكونية رغم مرور أكثر من  66 عاما علي صدوره ) ؛ ثم انتدب للخدمة في كنيسة السيدة العذراء بالمليحة بحدائق القبة خلال الفترة من ( 1954 – 1956 )  ؛ ونظرا لنبوغه الشديد في الدراسات اللاهوتية بصفة عامة وتاريخ الكنيسة بصفة خاصة ؛ جاءته الفرصة لدراسة الدكتوراة في جامعة تسالونيكي باليونان بناء علي تزكية من الدكتور وهيب عطا الله جرجس ( المتنيح نيافة الأنبا غريغوريوس فيما بعد ) وكان معه في نفس المنحة المتنيح الدكتور موريس تاوضروس (  1929  -       2018 )  وكان موضوع رسالة الدكتوراة " مشروع اتحاد الكنائس المسيحية عند هرقل "  ولقد حصل بالفعل علي درجة الدكتوراة في 6 فبراير 1959 وعاد إلي ارض الوطن في 1 أبريل 1959 ؛ حيث عمل استاذا لمادة تاريخ الكنيسة في الكلية الاكليركية . 
 
ولكن العناية الالهية كانت ترتب له خدمة أخري أكبر وأهم ؛   فلقد تمت رسامة البابا كيرلس في 9 مايو 1959 ؛ وكانت باكورة رساماته هي رسامة القمص كيرلس الانطوني مطرانا للكرسي الأورشليمي تحت أسم "الأنبا باسليوس  " وكان ذلك بتاريخ 7 يونية  1959 نظرا لحصوله عل درجة الدكتوراة من جامعة تسالونيكي من جهة ؛ ونظرا لاجادته التامة للغات الإنجليزية والفرنسية واليونانية والقبطية  ؛ ( وهو المعروف في كتب التاريخ بالأنبا باسيليوس الرابع نظرا لوجود ثلاثة مطارنة سابقين للقدس  يأسم الأنبا باسيليوس ) . ولقد وجه إليه المتنيح الانبا غريغوريوس  صديق عمره الصدوق رسالة عقب رسامته للقدس يطمئن فيه قلبه قال له فيها "ولعل قبولكم لمنصب  مطران للقدس كسب للكنيسة من حيث أن الكنيسة اليوم ترجو أن لا يحتل مثل هذه المناصب إلا أشخاص  يقدرون معني الخدمة ولهم رغبة صادقة في العمل المثمر .علي كل حال المرجو من قدسكم أن تعودوا إلي الظهور للتفاهم أيضا ؛ ولعلكم في هذه الفترة صليتم إلي الله وطلبتم الإرشاد " . 
 
 ولقد بدأ خدمته في القدس بتعليق الآية الكريمة التي تقول "أسندني فأخلص" ( مز 119: 117 ) عند باب المطرانية بالقدس ؛كأنه يطلب العناية الإلهية أن تسنده في بداية خدمته بالقدس ؛ ولقد رتب خدمته منذ الأسبوع الأول أن يقضي خدمته أسبوع في مدينة القدس وأسبوع آخر في مدينة عمان بالأردن . وكانت من أهم  انجازاته في الخدمة :_ 
1- تسديد الديون وترميم الكنائس وبالأخص كنيسة الأنبا أنطونيوس (الكنيسة الرئيسية في القدس ) وكان في مقدمة المساهمين الرئيس الراحل جمال عبد الناصر .
2- أنشأ نيافته دير السيدة العذراء بيت لحم  ليتمكن الاقباط من الصلاة داخل كنيسة المهد . 
3- قام بتجديد نشاط الكلية اانطونية القبطية للبنين ؛ وكلية الشهيدة دميانة بالقدس ؛ وباشر بنفسه إدارتهما بالتعاون مع  وزارة التربية والتعليم ( ولقد ذكر لي المتنيح الدكتور وهيب جورجي أنه كان واحدا من المدرسين الذين أنتدبوا للتدريس خلال فترة الستينات ).
4- قام بإنشاء وتدشين العديد والعديد من الكنائس في إيبارشياته ؛ وكان لكل كنيسة قصة ورائها كفاح طويل أخذت الكثير والكثير  من وقته وصحته  . 
غير أن كل هذه الجهود والإنجازات شيء ؛ وجهوده من أجل الحفاظ علي حق الكنيسة في الحفاظ علي دير السلطان شيء آخر ؛ فما هي هذه الجهود ؟؟؟؟؟ !!!! . 

جهوده من أجل دير السلطان :- 
كان النزاع بين الأقباط والأحباش حول دير السلطان قائما منذ القرن التاسع عشر الميلادي تقريبا ؛ ولكننا سنقتصر هنا علي جهود الأنبا باسيلوس الرابع فقط ؛ فلقد أرسل نيافته خطابا إلي البابا كيرلس السادس بتاريخ 12 اغسطس 1959 يخبره فيه أن الأحباش قدموا التماسا الي السلطات الأردنية يطالبون فيه بملكية دير السلطان ؛وفي 26 أغسطس 1959 وصل نيافته خطابا من محافظ القدس يطلب فيه تزويده بكل المستندات الخاصة بملكية الاقباط لدير السلطان ؛ ؛ فرد عليه نيافته في اليوم التالي مباشرة بخطاب يثبت فيه حق الأقباط التاريخي في ملكية الدير ؛وأستمرت المفاوضات بين جميع الأطراف ( الأقباط والأحباش والحكومة الأردنية )  بين شد وجذب ؛ ولكن بعد نكسة يونية 1967 وسقوط مدينة القدس في يد العدو الصهيوني ؛ أستغل الأحباش فرصة العداء بين مصر والحكومة الإسرائيلية ؛ وفي ليلة سوداء حزينة ( رغم انها ليلة عيد القيامة المجيد ) وهي ليلة 25 أبريل 1970 ؛ أستغل الأحباش فرصة قيام الأنبا باسيليوس بصلاة قداس عيد القيامة ؛ قامت السلطات الإسرائيلية بتغيير الاقفال الخارجية للدير ووضع الحواجز الحديدية أمام أبواب الدير ومنعوا دخول الاقباط الدير أو حتي الأقتراب منه ؛ ولقد حاول نيافته الاتصال بالسلطات الاسرائيلية ومطالبتهم بوقف هذا التعدي علي المقدسات طبقا لاتفاقية الوضع الراهن Status –Que    ؛ ولكن للأسف الشديد لم تسفر هذه الجهود عن شيء ؛ فقام نيافته برفع قضية امام المحاكم الاسرائلية يثبت فيها حق الاقباط التاريخي في دير السلطان ؛ وبالفعل صدر قرار من المحكمة الاسرائيلية بحق الأقباط في الدير بتاريخ 16 مارس 1971 ؛ ولكن للأسف الشديد لم تستجب السلطات الاسرائلية لهذا الحكم ؛ ولقد بذلت الدبلوماسية المصرية  جهودا جبارة ممثلة في وزير خارجيتها الراحل "كمال حسن علي "؛ والأمين العام السابق للأمم  المتحدة الدكتور بطرس بطرس غالي جهودا جبارة من أجل عودة الدير للأقباط ؛ ومازالت المشكلة قائمة حتي الآن نتنظر تدخل عدالة السماء في حلها . 
 
قائمة مؤلفاته :-  
1- كوكب البرية ( عن حياة الانبا أنطونيوس ) نشر عام 1950 ز
2- دراسات تحليلية في سفر زكريا ؛نشرت مسلسلة في مجلة اليقظة خلال السنوات ( 1943- 1945 ).
3- البراهين القوية في دحض الأضاليل البروتسانتية .
4- عصر المجامع .
5-  القديس كيرلس عمود الدين 
6- القبط وقت الفتح الاسلامي ( باللغة اليونانية ).
7- ارثوذكسية الكنيسة القبطية ( باللغة اليونانية ).
8- ملكية دير السلطان للاقباط الآرثوذكس يثبت فيه ملكية الأقباط للدير بالبراهين والمستندات ؛ ولقد صدر عام 1961 . 
9- سلسة مقالات ودراسات وابحاث نشرت في الموسوعة القبطية  Coptic Encyclopedia    منشورة باللغة الانجليزية والتي صدرت عن دار نشر ماكميلان عام عام 1991 ؛ ولقد تفضل الدكتور سعد ميخائيل  سعد صاحب برنامج الحضارة القبطية THE Coptic Civilization  علي قناة لوجوس بامدادنا بالقائمة الكاملة لهذه الدراسات نذكر بعض منها وهي ( القديس بولس الرسول  – القديس اغسطينوس – القديس يوحنا ذهبي الفم- القديس باسيليوس الكبير- العلامة ترتليانوس –  التسعة وأربعون شهيد  شيوخ برية شيهيت - القديس هيبوليتوس – القديس غريغوريوس الأرمني – علم الآخرة "الاسخاتولوجي" – الفردوس – يوم الدينونة Judgment Day  - ملابس الخدمة الكهنوتية Liturgical  Vestment  -  الشموع والقناديل – التقليد في الكنيسة القبطية – طبيعة المسيح – التقاويم القبطية – الموسيقي القبطية –الملائكة – الشاروبيم والسارفيم- التماجيد Gloria  - المعمودية – الميرون – العشاء الرباني – رسامات الأساقفة والكهنة والشمامسة – رسامة الشماسات – السيدة العذراء في الكنيسة القبطية – الصليب علامة المسيحية – القطمارس -  البتولية والتكريس – دير السلطانالممتلكات القبطية في القدس -  الانبا باسليوس الثالث مطران القدس الراحل ......... الخ) . 
10-  سلسة مقالات متفرقة في العديد والعديد من المجلات القبطية لم يتم تجميعها حتي الآن . 
11- هذا طبعا غير رسالته للدكتوراة التي ما زالت تنظر الترجمة عن اللغة اليونانية ثم نشرها . 
ولقد عاني نيافته في السنين الأخيرة من حياته من الظروف السياسية الصعبة خصوصا حرب الخليج واندلاع حرب تحرير الكويت ؛ مما اثر كثيرا علي صحته ( لقد قمت بزيارته في مقر رابطة القدس  بالظاهر مع المتنيح الدكتور وهيب جورجي قبل وفاته بعام تقريبا ؛ وقال لنا بالحرف الواحد "الدكاترة طلبوا مني أرتاح شوية لكن أزاي ها أقدر أرتاح في الظروف دي؟؟!! " ) . 
 
ظروف وفاته ونياحته :- 
وفي يوم 24 سبتمببر 1991 ؛وصل نيافته الي كاتدرائية العذراء بعمان ؛ وفي اليوم التالي تأخر الوقت ولم يخرج نيافته من غرفته علي غير عادته ؛فقاموا بفتح الغرفة ليجدوا نيافته في حالة غيبوبة كاملة  ؛فقاموا  بنقله فورا الي المستشفي ؛وبامر من جلالة الملك حسين  نقل نقله الي اكبر مستشفي ملكي في الأردن ؛ ولكنه تنيح في 13 اكتوبر 1991 عن عمر يناهز 68 عاما . 
وتم نقل جثمانه إلي مدينة القاهرة ؛ ووصل رابطة القدس في 14 اكتوبر 1991  ؛ وتمت الصلاة علي الجثمان بكاتدرائية العذراء بالزيتون  في يوم الثلاثاء 15 اكتوبر 1991 ؛وقام قداسة المتنيح البابا شنودة الثالث برئاسة صلوات الجناز بحضور عدد كبير من الآباء المطارنة والاساقفة والوزراء والسفراء وكبار رجال الدولة ؛  ثم نقل إلي دير الانبا انطونيوس ( مكان رهبنته )وتم دفن جثمانه الطاهر هناك .
ويبقي لنا في الختام أمل ورجاء هو سرعة ترجمة رسالته للدكتوراة من اللغة اليونانية إلي العربية ؛ كذلك أيضا ترجمة مقالاته من الموسوعة القبطية من اللغة الانجليزية الي اللغة العربية حتي تعم الفائدة علي الجميع .
 
مراجع مختارة للمقالة :-
1-مجموعة من أساتذة وخريجي الكلية :- الكلية الإكليركية في 125 عاما ؛ الكلية الإكليركية للأقاط الأرثوذكس ؛ الطبعة الأولي ؛ يوليو 2020  ؛ الصفحات من 187- 189 .  
2- مينا بديع عبد الملك :- أعمال الآباء بطاركة وأساقفة القرن العشرين ؛ مطبوعات جمعية مارمينا العجايبي بالاسكندرية  ؛2004 ؛صفحة 106 و 107 .
3- الراهب القمص أنطونيوس الأنطوني :- وطنية الكنيسة القبطية وتاريخها المعاصر ؛ الجزء الرابع ؛ بدون ناشر ؛ 2004 ؛ صفحة 642 و643 .
4- من القدس إلي أورشليم السمائية :- القس أنطونيوس صبحي ؛ كاهن كنيسة السيدة العذراء ؛عمان – الأردن ؛الناشر المؤلف ؛ بدون سنة نشر. 
5- راهب من برية شيهيت :- القدس ؛بمناسبة مرور ألفي عام علي ميلاد السيد المسيح ؛ بدون ناشر ؛الطبعة الأولي 1998  ؛ الصفحات من 82 : 95 
6- مواقع متفرقة من علي الأنترنت .
5- شكر خاص  للدكتور سعد ميخائيل سعد  صاحب برنامج الحضارة القبطية علي قناة لوجوس لتفضله بامدادنا بالقائمة الكاملة لمقالات ودراسات الأنبا باسيليوس في الموسوعة القبطية .