ياسر أيوب
لم تكن جائزة ابنة ملك إسبانيا التى فاز بها منذ أيام قليلة هى أول أو أكبر جوائزه.. ونجاحه فى كسر حاجز الساعتين لأول مرة فى تاريخ سباقات الماراثون لم يكن أهم أو أجمل نجاحاته.. وستبقى جائزته الكبرى هى احترام الجميع له.. وسيظل أجمل نجاحاته هو أنه لم ينكسر أمام المال ولم يبع إنسانيته فى أى سوق.
ولا يزال «إليود كيبشوجى» يعيش حتى الآن فى القرية الصغيرة التى بدأ فيها حياته مع والدته فى كينيا.. فبعد ميداليات الذهب والبطولات والأضواء جاءت العروض وإغراءات الإقامة فى أوروبا أو الولايات المتحدة، ورفضها كيبشوجى مثلما رفض أيضا الإقامة فى العاصمة نيروبى.. فهو لم يحب أن تتغير حياته بعدما امتلك المال والشهرة، وظل يقيم فى بيته البسيط وسط كثيرين يأكل معهم نفس الطعام ويشارك بنفسه فى تنظيف البيت كل صباح.. أما المال، فجزء غير قليل منه يذهب لأعمال الخير ومساندة الكثيرين، وعلى رأسهم الأطفال الفقراء فى مختلف أمور حياتهم.
وحين اختارته منذ أيام المؤسسة التى تترأسها ليونور، ابنة ملك إسبانيا التى تحمل لقب أميرة أوسترياس، أعلنت مبررات اختيار كيبشوجى ليكون الفائز هذا العام بجائزة الرياضة والتى تضمنت كلمة قصيرة عن بطولاته الرياضية والكثير من الكلام عن مؤسسته الخيرية التى تحمل اسمه وتتولى الإنفاق على تعليم وعلاج الكثيرين جدا من الأطفال فى كينيا.. فلم ينس كيبشوجى سنواته الأولى كطفل يتيم وفقير يعيش مع والدته ويضطر للجرى ثلاثة كيلومترات ذهابًا وإيابًا من أجل المدرسة.. وحين كبر أصبح مضطرًا للذهاب يوميًا للمدينة ليبيع اللبن هناك ويساعد والدته بما يربحه.
وحين اكتشف البطل الكينى السابق باتريك سانج موهبة كيبشوجى.. لم يتوقع أحد أن يفوز ببطولات دولية وميداليات أوليمبية قبل أن يتحول لسباقات الماراثون ويصبح أول عدّاء فى التاريخ يكسر حاجز الساعتين فى فيينا منذ ثلاث سنوات.. ولم يكن حتى أقرب الناس إليه مثل زوجته وأولاده يتوقعون استطاعته تحقيق ذلك.. وقال كيبشوجى يومها إنه لم يكن يبحث عن رقم قياسى إنما أراد إثبات أنه لا حدود لما يستطيعه أى إنسان إذا أراد ومهما كانت العوائق والموانع، وأنه لا يريد أن يتذكره الناس باعتباره صاحب رقم قياسى فى الجرى، إنما فقط باعتباره دليلًا على ضرورة محاولة تحقيق الأحلام مهما كانت التحديات أو كانت أحلاما مستحيلة.
وتميز كيبشوجى بتعليقاته العميقة والجميلة.. فقد قال إنه حين يجرى لا يستخدم قدميه فقط إنما يجرى بقلبه وعقله.. وحين يجرى وينتصر، يشعر كما لو أنه يمشى فوق القمر.. ولا يزال يحلم بميدالية فى دورة باريس المقبلة.
نقلا عن المصري اليوم