هاني لبيب
سؤال جدلى شائك: هل تدافع حركة حماس عن قضية عادلة؟!.
قطعًا.. نعم، بغض النظر عن الاتفاق والاختلاف مع حركة حماس سواء لمواقفها التاريخية السابقة مع مصر أو بسبب انتماءاتها السياسية التى تحكم مواقفها وما يصدر عنها.
إذن، لا خلاف على عدالة القضية الفلسطينية سواء على المستوى الوطنى أو على المستوى الإنسانى.. دون تمجيد حركة حماس أو غيرها من الفصائل الفلسطينية لأن ما ترتب على ما حدث فى 7 أكتوبر أعاد القضية الفلسطينية إلى أجواء 1948، وكأنه لم يكن هناك أى مفاوضات تمت فى سبيل تحقيق السلام، وما تم تصويره باعتباره انتصارًا مبينًا تحول الآن مع اقتراب مرور شهر تقريبًا إلى أكبر نكبة أصابت الشعب الفلسطينى.
أختلف مع صديقى العزيز حمدى رزق فيما كتبه يوم الأربعاء الماضى تحت عنوان «حماسوفوبيا». ويرتكز اختلافى هنا على العنوان الذى يستدعى من الذاكرة ما كتب كثيرًا عن «الإسلاموفوبيا». وسبب اختلافى أنه لا يمكن فى تقديرى اختزال دفاع الشعب الفلسطينى عن نفسه فى حركة حماس وحدها، وما تحمله من تصرفات ومواقف.. سيحكم عليها التاريخ، ولن ينساها، ولن يمحوها من ذاكرته.
القضية الفلسطينية أكبر بكثير من اختزالها فى حركة حماس، كما أنها مهما بلغ عدد أتباعها ومواليها.. فهى فى نهاية المطاف جزء من الشعب الفلسطينى، وليست كله. كما أعتقد أن اختزال قراءة وجه بنيامين نتنياهو، «رئيس الوزراء الإسرائيلى»، فى الرهاب والفوبيا من حماس أو «حماسوفوبيا»، هو أمر يضر بمستقبل القضية الفلسطينية أكثر مما ينفعها، ويكرس ما تردده الآلة الإعلامية الإسرائيلية من وصف المقاومة الفلسطينية فى مجملها بالإرهاب. وقد تم توظيف ما سبق على مدار سنوات طويلة من جماعات الإسلام السياسى وتنظيماته فى سبيل تكريس فكرة «تديين القضية الفلسطينية»، وهو ما أدى فى النهاية إلى شيطنة إسرائيل فى مقابل اتهام كافة أشكال المقاومة بالإرهاب.
«تديين القضية الفلسطينية» فى تقديرى خطأ سياسى ووطنى لكونه يؤكد الاعتقاد بأن الإسلام يعنى العرب فقط.. رغم أن الإسلام أكبر بكثير من العرب وحدودهم الجغرافية، فهو يمتد من إندونيسيا فى الشرق إلى المغرب فى الغرب من جانب، وما يترتب على ما سبق من الجانب الآخر هو تجاهل المسيحية العربية فى الترويج للقدس كقضية أرض ومقدسات إسلامية فقط دون الإشارة إلى المقدسات المسيحية فى القدس.. رغم أن المقدسات المسيحية تفوق من حيث العدد المقدسات الإسلامية، كما أن القدس تضم ميلاد السيد المسيح وحياته بالكامل.
إن أهمية المقدسات لا تتجزأ سواء كانت مسيحية أو إسلامية، بعيدًا عن محاولات الإقصاء والتصنيف، إذ لا يجب التقوقع فى خندق معين، فإن كل «مسيحى أو مسلم» عربى يحمل فى خلفيته جزءًا من الحضارة العالمية، والعكس صحيح.
المؤكد الآن أنه لم يكن هناك دين واحد فى أى حقبة من أى تاريخ ساد البشرية. وهو ما يُحتم علينا الاعتراف بالاختلاف والتعددية، وعدم تديين المواقف السياسية والوطنية، مثل: أسلمة القضية الفلسطينية، وإهمال الموقف المشرف للمسيحيين العرب. وكان يجب أن يكون الخطاب الدينى (المسيحى- الإسلامى) العربى بشأن القدس هو خطاب وطنى إنسانى بالدرجة الأولى.
نقطة ومن أول السطر..
القدس.. قضية وطنية إنسانية، وليست قضية دينية.
نحتاج لفك الاشتباك والالتباس فى تناول القضية الفلسطينية بشكل دينى ضيق الأفق إلى الشكل الإنسانى واسع الأفق.
إنها عدالة القضية الفلسطينية، أو بمعنى أدق قضية الشعب الفلسطينى.
نقلا عن المصري اليوم