CET 00:00:00 - 22/09/2009

قرأنا لك

عرض: عماد توماس
كتاب صغير في حجمه، كبير في معناه، يناقش قضية شائكة، طالما اختلف فيها الباحثين نتيجة لندرة المراجع الموثقة أو لغياب الموضوعية في البحث والتجرد من الأهواء والنزعات الطائفية.
من هنا يدخل مؤلف هذا الكتاب الدكتور "كمال فريد اسحق" هذا النفق الظلم، محاولاً أن يتحسس طريق النور للخروج سالمًا قبل أن يتهمه احد بالتعصب أو الطائفية.
ويحاول الكاتب في هذا الكتاب الرد على إدعاء أن المصريين هم الذين احرقوا مكتبة الإسكندرية؟ ويثبت أن العرب هم الذين قضوا على المكتبة. ويستند المؤلف على مرجع يراه أمينًا في عرض وجهات النظر المختلفة وهو كتاب "مكتبة الإسكندرية الحريق والإحياء" للدكتور "شعبان عبد العزيز خليفة" رئيس قسم المكتبات بجامعة القاهرة.

المؤلف في سطور:
الدكتور كمال فريد اسحق• طبيب استشاري أمراض جلدية وتناسلية.
• أستاذ اللغة القبطية بمعهد الدراسات القبطية وكلية العلوم الإنسانية واللاهوتية.
• عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للتنوير.
• عضو في منظمتي حقوق الإنسان المصرية والعربية.

* الأكاذيب العشرة:
يستهل المؤلف كتابه بعشرة أكاذيب متداولة محاولاً تصحيحها بحقائق مؤكدة.
الكذبة الأولى: أن مصر مقبرة الغزاة ويرد الكاتب أن مصر كانت مقبرة للغزاة الذين سبقوا العرب، لأن حكمهم لم يكن في بشاعة الحكم العربي لمصر. أما العرب فلم تكن مصر مقبرة لهم.
الكذبة الثانية: أن العرب لم يغزوا مصر بل فتحوا مصر ويدر الكاتب: ليت أحد يذكر لي ما الفرق بين الفتح والغزو؟
الكذبة الثالثة: أن العرب جاءوا لتحرير مصر من الرومان، ويرد الكاتب لماذا إذن لم يسلموها للمصريين ويرحلوا؟
الكذبة الرابعة -في رأي المؤلف– أن العرب أحسنوا معاملة المصريين ويرد اسحق اقرءوا أي كتاب تاريخ لتعلموا إن العرب أساءوا معاملة المصريين ونكلوا بهم.
الكذبة الخامسة: أن المصريين اعتنقوا الإسلام بالإقناع، فيقول المؤلف إذًا لماذا لم يذكر التاريخ اسم مصري واحد اعتنق الإسلام في العصور الوسطى عن اقتناع ولماذا امتلأت كتب التاريخ بثورات المصريين ضد العرب.
الكذبة السادسة: إن الجزية كانت مقابل الدفاع عن الأقباط، فيسأل المؤلف ما معنى "عن يد وهم صاغرون"؟
سابع كذبة في رأي المؤلف هي ترديد القول أن مصر لم تعرف التعصب الديني طوال تاريخها، فيسأل وما حرق مدن وقرى مصر أثناء الفتح العربي لمصر وأثناء هروب آخر خليفة أموي من العباسيين. وما معنى وضع الأقباط في أدنى مراتب الطوائف أثناء الحكم العثماني، وما معنى قتل الأقباط قبل وبعد ثورة الأقباط يوليو 1952 في عشرات الحوادث؟!
الكذبة الثامنة: أن اضطهاد الرومان للمصريين كان أبشع من اضطهاد العرب لهم  فيؤكد الكاتب إن اضطهاد العرب للمصريين كان اضطهادًا دينيًا حوّل فيه العرب المصريين من دين إلى دين آخر، وكان اضطهادًا عرقيًا كان يباد فيه مصريون، ويأتي الحاكم العربي بمئات القبائل العربية لتحل محلهم.
الكذبة التاسعة: أن لغتنا القومية هي اللغة العربية، فيرد الكاتب إذًا ما هي اللغة المصرية (القبطية) التي فصل وشرد العرب الموظفين الذين لم يتكلموا سواها، وحظر الحاكم بأمر الله الكلام بها؟
الكذبة العاشرة والأخيرة التي يفندها الدكتور اسحق-وهي موضع حديث الكتاب- أن مكتبة الإسكندرية لم يحرقها العرب؟ فيتساءل وماذا عن شهادة المؤرخين العرب المسلمين بان العرب هم الذين أحرقوها؟

غلاف الكتاب* ضياع النخوة:
يتحدث الكاتب كمصري غيور على كرامة مصر وليس كمسيحي، فلا يجد حرج بل يذكر أن يسعده أن تلصق تهمة حرق المكتبة لثيؤدوسيوس المسيحي-غير المصري- عن أن تلصق بغوغاء مصريين مسلمين لو كان هذا حدث فعلاً!!
أنه يعلّى الانتماء لمصر عن عقيدته، وفى ذات الوقت يقف بالمرصاد لمن يلفق تهمة حرق المكتبة للمصريين ليبرئ العرب، ويعتبر من يزعم ذلك هو خائن لمصر لأن تفضيله للعروبة على المصرية دفعه لتزوير تهمة لقومه.
يؤكد الكاتب أنه لم يذكر مؤرخ قديم واحد-مصري أو عربي أو أوربي أو من بلاد الواق واق- ولم يأت في نص قديم واحد أن المصريين هم الذين هدموا مكتبة الإسكندرية. ويستطرد قائلاً: إن هذا الادعاء ظهر في نهاية القرن العشرين ومطلع القرن الحادي والعشرين على لسان المصريون أبناء مصر الأوفياء!! لكي يبرئوا العرب الذين أتوا غازين لبلادهم.
ويوضح الكاتب، سواء كانت المكتبة قد هدمت سنة 47 ق.م. عن طريق يوليوس قيصر، أو 273م. باورليان، أو 391م. بثيؤدوسيوس، أو 641م بعمرو، أو 415 بكيرلس، فليست هي المأساة الأكبر في نظر الكاتب بل المأساة هي ضياع النخوة والاعتزاز بالهوية المصرية، هذا الضياع الذي جعل مصريين ينتفضون ويهبون لنفى التهمة عن العرب الذين محوا المصريين والمصرية من الوجود، وأكسبوهم عارًا دوليًا أبديًا.

كيف ضاعت المكتبة؟
يضع الكاتب عدة احتمالات لاختفاء مكتبة الإسكندرية
1-     إنها هلكت بفعل الزمن.
2-     إنها احترقت في معركة لــ "يوليوس قيصر".
3-     إن أباطرة رومان خربوها.
4-     إن أسقف مسيحيًا تسبب في خراب المكتبة.
5-     نسبة هلاك المكتبة إلى الإمبراطور الروماني والأسقف المسيحي.
6-     إن عمرو بن العاص احرق كتبها تنفيذًا لأمر عمر بن الخطاب.

يرجح الكاتب الاحتمال السادس لاختفاء المكتبة، ويقول أن هذه القصة من عند المؤرخين العرب المسلمين، الذين قالوا إن حرق كتبها في آلاف الحمامات استمر لمدة ستة شهور، ولا يمكن أن تكون مكتبة بهذه الضخامة إلا مكتبة الإسكندرية الشهيرة.

ويورد المؤلف رأي الدكتور بتلر والقصة كما أوردها أبو الفرج:
" لقد رأيت المدينة كلها وختمت على ما فيها من التحف ولست أطلب إليك شيئًا مما تنتفع به بل لا نفع له عندك وهو عندنا نافع", فقال له عمرو ... "ماذا تعنى بقولك ؟", قال يحيى ... "أعنى بقولي ما في خزائن الروم من كتب الحكمة", فقال عمرو ... "إن ذلك أمر ليس لي أن أقتطع فيه رأيًا دون إذن الخليفة", ثم أرسل كتابًا إلى عمر يسأله في الأمر, فأجابه عمر قائلاً... "وأما ما ذكرت من أمر الكتب فإذا كان ما جاء بها يوافق كتاب الله فلا حاجة لنا به, وإذا خالفه فلا إرب لنا فيه. فأحرقها" فلما جاء هذا الكتاب إلى أمر بالكتب فوزعت على حمامات الإسكندرية لتوقد بها, فمازالوا يوقدون بها ستة أشهر فاسمع وتعجب".
ويؤكد الدكتور "شعبان خليفة" إن "عمر بن الخطاب" يمكن أن يكون فعلاً قد أصدر تعليماته المذكورة بحرق المكتبة والكتب باعتبارها من تراث الوثنية, وقد أراد بحسه الديني أن يجنب المسلمين كل ما يفتنهم في دينهم، ويذكر المؤلف أيضًا قول خليفة "إن من سلوك المنتصر أن يأخذ في تدمير فكر المهزوم".
وأشار بن خلدون في مقدمته إلى بعض خصال العربي وكيف أنه لا يطيق أن يرى حضارة مزدهرة وأنه يميل إلى تخريبها كلما سنحت له الفرصة،وكان الجنود الذين صحبهم عمرو بن العاص في فتوحاته في مصر من البدو الذين لم تهذبهم الحضارة والمدنية، ومن ثم فأنهم لم يقدروا الكتب والمكتبات.
ما يريد أن يبثه ويؤكده مؤلف الكتاب إن المصريين  أبرياء من دم المكتبة وأن العرب هم مَن دمروا المكتبة...وهي قضية جدلية مازال الحوار فيها مفتوحًا.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٦ صوت عدد التعليقات: ١٤ تعليق