د. وسيم السيسي
هل كان أبوالعلاء مُحِقًّا حين قال: يا رب عجِّل بالقضاء، إنما هذا العالم منحوس؟.. أنظر حولى: بحورًا من الدماء، مجاعات، بؤسًا وشقاء، الموت رحمة لمَن هم أحياء، الحيوانات تقتل من أجل الإبقاء على الحياة (الجوع- الجنس)، إلا الإنسان يقتل الملايين من بنى جنسه مبررًا إجرامه بأوهام وضلالات، وسوف يقضى على نوعه بحماقته وغبائه.
وصلتنى دعوة كريمة من الأستاذة أمينة أباظة، رئيسة جمعية الرفق بالحيوان في مصر.
كان الحفل في أحد الفنادق الكبرى، قابلت أعضاء أحباء، أساتذة من الطب البيطرى ورجال فكر وفن وأعمال، طلبوا منى كلمة عن الرفق بالحيوان في مصر القديمة، حدثتهم عن نظرة أجدادنا للحيوانات وكيف أنها شريكة في إعمار الأرض وبناء الحضارة، فقد كانت القردة تساعدهم في جنى المحصول ورمى البذور، بل القبض على اللصوص، لقد درّبوا الضباع على صيد الغزلان حية بعد إشباعها، (إشباع الضباع)، كما دربوا الصقور على صيد الغزلان بفرد جناحيها على عيونها (عيون الغزلان)، كما استأنسوا الكلاب من فصيلة من الذئاب لم يعد لها وجود الآن.
قال إيميل لودفيج: أعياد العالم جميعًا جاءت من مصر، وهذا صحيح، حتى القطة كان لها عيد اسمه عيد باستت!.
أكاذيب الحاقدين، منها: عبادة القطة، نزع الحواجب إذا ماتت!.
تُدفن القطة حية مع صاحبها في المقبرة، والمصرى كان يحفظ عن ظهر قلب: لم أكن سببًا في شقاء حيوان، كان يقدس القطة لأنها تقضى على وباء الطاعون!، (صيد الفئران). وكان يأخذ أمعاءها بعد موتها لصناعة الخيوط الجراحية cat- gut وأوتار القيثارة والهارب، كانوا يقدسون الصقر، ويطلقون عليه الطائر النبيل.
فهو حرف الألف في الهيروغليفية، فلا شىء قبله، كذلك الله لا أحد قبله، ودائمًا على قمم الجبال والأشجار، والمجد لله في الأعالى، لذا نجد الصقر رمزًا لحورس، ثم بعد ذلك لقريش، حتى الجعران وجدوه يتمتع بخاصية التوالد العذرى partheno gensis، فكانوا في صلاتهم يقولون: يا مُوجِد نفسك بنفسك، جئتك يا إلهى خاضعًا لأشهد جلالك، جئتك متحليًا بالحق، متخليًا عن الباطل.. إلخ.
لن يرفق الإنسان بأخيه الإنسان إلا إذا تعلم الرفق بالحيوان، هو ذا أبوالعلاء المعرى مرض مرضًا شديدًا، قدموا إليه ديكًا مطبوخًا، وضع يده عليه، (كان أبوالعلاء أعمى بسبب الجدرى في سن الرابعة)، وقال مخاطبًا الديك: استضعفوك، فذبحوك، ولو كنتَ قويًّا لهابوك، والله ما أكلتك، ثم التفت لمَن حوله، وقال: هل تقدرون أن تصفوا لى شبل الأسد؟، وقال في إحدى قصائده:
غدوت مريض العقل والدين فالْقَنِى.. لتسمع أنباء الأمور الصحائح
فلا تأكلن ما أخرج الماء ظالمًا.. ولا تَبْغِ قوتًا من غريض الذبائح
ولا تَفْجَعَنَّ الطير وهى غوافل بما وضعت، فالظلم شر القبائح
التقط هذا المذهب جورج برنارد شو، هـ. ج. ويلز، سيدنى ويب، وزوجته بياتريس، فكانت المجموعة الغابية، التي قامت على الأسس الاشتراكية والأطعمة النباتية والعلة الغائية.
تقول الدكتورة منال جاد: الحيوانات شركاؤنا في الحياة، يحبوننا، ولابد أن نبادلهم حبًّا بحب وعطفًا بوفاء.
نقلا عن المصرى اليوم