ياسر أيوب

لأنه عالم ليست فيه القوانين واحدة، ورفعت العدالة غطاء عينيها حتى ترى من تحاكمهم.. التمس الألمانى توماس باخ، رئيس اللجنة الأوليمبية الدولية، العذر للاعب الأوكرانى فلاديسلاف هيراسكفيتش حين خالف القواعد الأوليمبية، ودعا الجميع أثناء الألعاب الأوليمبية الشتوية الماضية في بكين للتعاطف مع أهل أوكرانيا وأطفالها.. واعتبر ما قاله فلاديسلاف رسالة نبيلة لا يمكن معاقبة صاحبها الذي يريد إنقاذ أبرياء أوكرانيا من معاناة ومرارة وقسوة الحرب والقصف والخوف والموت.

 
وحين رفضت لاعبة السلاح الأوكرانية أولجا كارلان مصافحة اللاعبة الروسية آنا سميرنوفا في بطولة العالم يوليو الماضى في ميلانو.. قررت اللجنة المنظمة وفقا لقانون الاتحاد الدولى للسلاح اعتبار أولجا خارج البطولة وحرمانها من أي نقاط وعدم مشاركتها في دورة باريس الأوليمبية المقبلة.. ثم فوجئ الجميع برسالة رسمية من الألمانى توماس باخ، رئيس اللجنة الأوليمبية الدولية، يؤكد فيها أنه بصفته الرئاسية سيمنح الأوكرانية أولجا استثناءً من أي قواعد، وسيضمن لها المشاركة في دورة باريس الأوليمبية أيا كانت نتائجها.. وأنه يتفهم تماما دوافع أولجا ومشاعرها ويتعاطف معها ومع كل لاعبات ولاعبى أوكرانيا الذين يضطرون للعب رغم معاناة بلدهم وشعبهم. وهناك عشرات الحكايات المماثلة شهدت غض البصر عن الميثاق الأوليمبى وأى قوانين وقواعد رياضية..
 
لكن حينما قرر لاعب الكرة الهولندى المغربى الأصل أنور الغازى أن يكتب منذ أيام عبر السوشيال ميديا تضامنه مع أطفال فلسطين وهم يعيشون نفس الخوف والتهديد ويواجهون محنة لا يمكن مقارنتها بما جرى في أوكرانيا أو أي بلد آخر بعد الحرب العالمية الثانية.. لم يقل أحد إنها رسالة نبيلة لا يمكن معاقبة صاحبها مثلما قيل عن رسالة فلاديسلاف، بل قرر نادى ماينز الألمانى معاقبته وإنهاء تعاقده.. وبعد طرد اللاعب من النادى الألمانى، لم يتدخل أحد لإلغاء القرار مثلما تم إلغاء قرار استبعاد أولجا رغم أن طردها كان بحكم قانون اللعبة.. ولم ينته الأمر عند هذا الحد، بل أصبح أنور الغازى متهمًا بارتكاب أكثر من جريمة في ألمانيا:
 
تهديد السلام والدعوة للكراهية ومعاداة السامية. وكان جميلًا أن يرتكب الإعلام الإسرائيلى حماقة التأكيد على أن أنور لاعب كرة هولندى، مع أنه كان من الطبيعى أن يقال لاعب عربى متعاطف مع الفلسطينيين مثل معظم العرب.. ورغم أن ما يجرى في غزة لا علاقة له باليهود أو اليهودية، إلا أنه كان من الممكن لمسؤولى نادى ماينز التأكيد على أنهم طردوا أنور؛ لأن النادى كان أحد مؤسسيه هو اليهودى يوجين سالومون بدلًا من اعتباره مجرمًا يهدد سلام ألمانيا وربما العالم كله، رغم أنه لا يملك إلا قلبه وإنسانيته دون أي رصاص أو قنابل.
نقلا عن المصرى اليوم