عوض شفيق'>د. عوض شفيق
30 يوما الحرب فى غزة بسبب خلط مفاهيم قانونية بالادعاءات السياسية والدينيية وأنشطة الاعلام والتواصل الاجتماعى فى التصنيف حماس إرهاب أم مقاومة. والحرب على الإرهاب كمبرر شرعى لاسرائيل. حرب على حق قانونى دولى يوصف بأنه من القواعد الأمرة القاطعة وهو حق تقرير المصير لشعب فلسطين.

منذ السبعينات والدول تتبادل حججاً جدلية لا متناهية حول تحديـد مفهـوم الإرهاب. أما نقطة الخلاف الأساسية فهي التالية: هل يجوز تصنيف أفراد المقاومة المسلحة "المناضلين من أجل الحرية" والمنخرطين في تحركات التحرر الوطني، في فئة الإرهاب؟ وبمعنى آخر في ظل حرب فلسطين هل أفراد المقاومة المسلحة "المناضلين من أجل الحرية "حماس" مقاومة أم إرهابية؟. أما المسألة الأساسية الأخرى فهي حول القانون الواجب التطبيق والقواعد القانونية المتعلقة بمكافحة الإرهاب الدولي. وقد جرى التمييز بين الإرهاب الداخلي الذي هو من فعل أفراد أو مجموعات محلية لا تستفيد من دعم خارجي، وبين الإرهاب الدولي ، وهما: (أ) إرهاب الدولة ، عمليات، تقوم دولة أو مجموعة دول، فرادى أو مجتمعة، بتمويلها أو تنظيمها أو تشجيعها أو توجيههما أو دعمها من وجهة نظر مادية أو فنية، لإرهاب دولة أخرى أو فرد أو مجموعة أو منظمة، و(ب) الإرهاب الذي تقوم به مجموعات أو منظمات عاملة على الصعيد الدولي.

في هذا الإطار، يمكن التفريق بين ثلاثة مواقف اتخذتها الدول وغيرهـا من السلطات، من دون أن يقصي أي من هذه المواقف الموقفين الآخرين، باعتبارهـا متداخلة أحياناً. وهذا هو الغرض الأساسي من عرض هذه المقتطفات من مؤلفاتي "ضحايا في مرمى الإرهاب"

الموقف الأول هو ذاك الذي اتخذته الدول التي لا تنفك تصر على استثناء مـن فئة الأفعال الإرهابية، أي عمل حربي ينخرط فيه شعب ما أو منظمة مـا بهـدف الدفاع عن حق الشعوب في تقرير مصيرها، (حتى ولو كان الهجوم المعني يُشن على سكان مدنيين). إلا أن هذه الدول لا تحدد القانون الواجب التطبيق على هـذه الأفعال، أو، بكل بساطة، هل يجب أن تعتبر مباحة بحسب القانون الدولي؟.

اتخذت باكستان هذا الموقف عام 2002 عندما انضمت إلى الاتفاقية الدولية لقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل. علماً أن هذه الاتفاقية تستثني مـن نطاقهـا نـشاطات القـوات المسلحة بما فيها المناضلين من أجل الحرية في النزاعات المسلحة، تاركـة ً هـذه النشاطات لتخضع قانوناً للقانون الدولي الإنساني. وقد صدر عن باكستان تـصريح أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه غامض: "تعلن حكومة جمهورية باكستان الإسلامية أن هذه الاتفاقية لا تنطبق بأي شـكل من الأشكال على الصراعات، بما فيها تلك المسلحة، التي تهدف إلى صون حق تقرير الشعوب لمصيرها، والتي تُشن على احتلال أو هيمنة أجنبيـة أو خارجية، وفقاً لقواعد القانون الدولي.

واتخذت دول أخرى موقفاً مماثلاً للغاية يرمي إلى عدم تطبيق اتفاقيات مكافحـة الإرهاب على النزاعات المسلحة، ولكنها لم توضح ما إذا يجب أن يغطي القـانون الدولي الإنساني لجوء المناضلين من أجل الحرية إلى القوة، في هذه النزاعات، ضد مدنيين. ومن بين الدول التي اتخذت هذا الموقف يمكـن ذكـر مـصر، والأردن، وسوريا بين عامي 2003 و2005 عند تصديقها على الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب أو انضمامها إليها.

في الإعلانات التوضيحية الصادرة عن مصر والأردن وسوريا :

إعلان مصر: "من دون الإخلال بمبادئ وقواعـد القـانون الدولي العام وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، لا تعد جمهورية مصر العربيـة المقاومـة الوطنية بكل أشكالها، بما فيها المقاومة المسلحة ضد أي احتلال أو عدوان أجنبي، إذا كـان الغرض منها التحرر والدفاع عن حق الشعوب في تقرير مصيرها، أفعالا إرهابية

وفى إعـلان الأردن: "لا تعتبر حكومة المملكـة الأردنية الهاشمية أفعالا إرهابية ، أي فعل يدخل ضمن الصراع الوطني المسلح أو مقاومة الاحتلال، في سياق دفاع الشعوب عن حقها فـي تقرير مصيرها".

أما سوريا تعتبر أن الأفعال الناتجة عن المقاومة ضـد احتلال أجنبي، لا تندرج ضمن فئة الأفعال الإرهابية".

أما الموقف الثاني فهو الذي اتخذته الدول والسلطات التي تتمسك بخـضوع أي فعل يرتكبه المناضلون من أجل الحرية في الحروب الهادفة إلى الحـصول علـى تحرر وطني، إلى القانون الدولي الإنساني، في ظلّ الغياب التام لمجموعة القوانين الدولية المتعلقة بالإرهاب.

واقترحت الدول الأعضاء في المؤتمر الإسلامي التـي شاركت في مفاوضات الأمم المتحدة لوضع اتفاقية شاملة بشأن الإرهاب، مشروع نص يتضمن الاستثناء الشهير لمفهوم الإرهاب. ووضح هذا الاقتراح، فـي هـذه المرة، الصيغة الغامضة التي لجأت إليها البلدان العربية والإسلامية. فالآن أصـبح من الواضح أن الأفعال التي تحدث في خلال نزاع مسلح "بما فيه حالات الاحتلال الأجنبي" لا تغطيها الاتفاقية، بالتالي لا يمكن تصنيفها كـ"أفعال إرهابية". ولهذا السبب لم يستطع المجتمع الدولي في وضع اتفاقية شاملة بشأن الإرهاب وغياب مفهوم جامع مانع للارهاب.

وأخيراً، الموقف الثالث هو موقف معتدل، يجمع تطبيق كل من القواعد الدوليـة المتعلقة بالإرهاب والقانون الدولي الإنساني. وهو إخضاع أعمال المقاومة هذه الأفعال لقواعد القانون الدولي ولاسيما القانون الدولي للنزاع المسلح وهنا مكمن التجديد. ومنطقياً، إذا كانت هذه الأفعال متعارضة مع تلك القواعد، يجوز أن يلاحق مرتكبوها عملاً بقواعد أخرى من القانون الدولي.

قد يسأل سائل بعد قراءة هذا المقال الطويل نسبياً هل حماس إرهابية أم مقاومة. استطيع أن أقول له أن حرب غزة قضية قانونية دولية ذات أبعاد سياسية ودينية وقانونية. ولا يجوز استخدام أوراق "الجوكر السياسي" والجوكر الديني" في القضية الفلسطينية القانونية. فالقانون لا يلعب الميسر ولا القمار

وإذا استعصى الأمر على الإعلام والتواصل الاجتماعي بشأن تصنيف حماس إرهابية أو مقاومة فلتسألوا الدول السالفة الذكر وغيرها من الدول لماذا لم تدرج في قوانينها وتشريعاتها قوانين تقوم بتجريم أفعال حماس والاخوان وداعش كأفعال إرهابية ولماذا تمتنع عن إصدار تشريعات لمكافحة الكراهية والتحريض على العنف. والتي يمكن بموجبها مساءلة مقتل الإسرائيليين بداية الحرب في غزة والجرائم المتكررة بمقتل جنود مصر في رفح والجندى المصرى الذى اقتحم الحدود الإسرائيلية وقتل جنودا إسرائيليين وغيرها من جرائم داعش "فرع ولاية سيناء"

وفقا للموقف المعتدل للقانون فإن حماس حركة مقاومة وليست إرهابية بالمفهوم الاسرائيلى ودول الغربية. وتسعى أمريكا والدول الأوربية وضع حماس وحركات التحرر الوطنى فى قائمة الإدراج فى كجماعة إرهابية فى الأمم المتحدة وهذا هو السبب الرئيسى فى فشل كل مشاريع قرارات مجلس الأمن فى الحصول على وقف إطلاق النار مقابل وضع الحركة النضالية الوطنية كحركة إرهابية.
عوض شفيق'>د. عوض شفيق