ياسر أيوب
لا يتابع عموم المصريين كرة القدم الأمريكية، ولا يعرفون أنديتها ونجومها.. وهى قاعدة لها بعض الاستثناءات، أهمها أن هناك فى مصر من يمارسون هذه اللعبة ويهتمون بأخبارها.. وقد يكون استثناء جديدًا أن يبدأ البعض الآن الالتفات لثلاثة لاعبين فى ثلاثة أندية: «إمحوتب» فى نادى «شيكاجو بيرز»، و«أوزوريس» فى نادى «ستانفورد»، و«آمون رع» فى نادى «ديترويت ليونز».
وأنا لم أخطئ فى أسماء الثلاثة لاعبين، ولا أخترع حكاية وأكاذيب بحثًا عن الاهتمام ولفت الانتباه، فالأسماء حقيقية، و«إمحوتب» و«أوزوريس» و«آمون رع» هم ثلاثة أشقاء اختار لهم والدهم «جون براون» هذه الأسماء الفرعونية من فرط عشقه واحترامه لمصر القديمة وحضارتها.. فاختار لابنه الأكبر اسم إمحوتب، بانى هرم زوسر المدرج وكبير أطباء الفراعنة.
واختار لابنه الأوسط اسم أوزوريس الذى قتله شقيقه ست فقامت إيزيس بجمع أشلاء أوزوريس ليصبح رمزًا للخير ورئيس محكمة الموتى.. واختار لابنه الأصغر اسم آمون رع إله الشمس والريح عند الفراعنة.. ورغم ذلك لم يكن الأب أستاذًا للتاريخ أو متخصصًا فى علم المصريات، إنما كان بطلا أمريكيا فى كمال الأجسام، وفاز ببطولة العالم ثلاث مرات.. والتقى جون فى مدينة كولن الألمانية بفتاة اسمها «مريم»، أحبها وتزوجها وعاد بها إلى الولايات المتحدة حيث أنجبا أولادهما الثلاثة.
وكانت ولا تزال عائلة استثنائية تلتفت لها الصحافة الأمريكية بين وقت وآخر.. فالأب أمريكى مهووس بالرياضة بكل أشكالها وألعابها.. والأم ألمانية ترى التعليم هو النجاح والضمان الحقيقى لأى إنسان.. والأبناء يحملون أسماءً أخذوها من الحضارة المصرية القديمة.. ولم يشعر الأبناء فى أى وقت بالاستياء أو الانزعاج بسبب هذه الأسماء التى اختارها لهم الأب، وأظن أنها كانت طول الوقت منذ الطفولة وحتى الآن مثار دهشة واستغراب وتساؤل زملاء وأصدقاء وأقارب وجيران.
ويشعر الثلاثة أبناء بالامتنان الشديد لأب منح أولاده كل حياته ولم يشأ أن يعيشوا نفس المعاناة التى عاشها فى طفولته وصباه.. وكان شديد الاهتمام بصحة أولاده والتزامهم، وحرص على ممارستهم الرياضة منذ طفولتهم المبكرة، فلعبوا رفع الأثقال وكرة القدم والتنس وكرة السلة، لكنهم نجحوا فى كرة القدم الأمريكية.. وكان آمون رع هو أكثرهم موهبة ونجاحًا وشهرة أيضًا.
وبقدر حرص جون على ممارسة أولاده للرياضة والنجاح فيها، كانت زوجته مريم ترفض أن تصبح هذه الرياضة سببًا أو مبررًا لإهمال التعليم، وعلّمت أولادها أيضا الألمانية والفرنسية.. والغريب أن جون رغم هذا الولع بالحضارة المصرية لم يحرص على تعليم أولاده الهيروغليفية أو حتى يأتى بهم لزيارة مصر وأهراماتها ومعابدها ومتاحفها ليزدادوا اقترابًا من الأسماء التى حملوها منذ ولادتهم.
نقلا عن المصرى اليوم