هاني صبري الخبير القانوني الدولي والمحامي بالنقض
منذ اندلاع الحرب من أكثر من شهر بين الجانب  الإسرائيلي وحركة حماس، والتي أسفرت عن وقوع خسائر كبيرة في صفوف المدنيين، وتدمير أحياء سكنية، ومحو عائلات بأكملها من الوجود، وتردي الأوضاع الإنسانية في غزة، فهناك حاجة إلى التحرك العاجل لتوفير الحماية للمدنيين، ومنع المزيد من المعاناة الإنسانية لقطاع غزة . ونؤكد أن النفسَ البشرية واحدة في كل مكان، سواء كانت في إسرائيل أو في فلسطين. وإن التلكُؤ في وقف نزيف الدماء الحالي يُعد مشاركة في تحمُل مسئولية ما يحدث من انتهاكات وجرائم ضد الإنسانية.

وتبذل الدولة المصرية جهود حثيثة لوقف إطلاق النار، وإرسال مساعدات إنسانية لقطاع غزة ، حيث قمت مصر لقطاع غزة في تلك الأزمة مساعدات إنسانية أكثر مما قدمه كل دول العالم مجتمعه.

ونحث جميع أعضاء المجتمع الدولي على التكاتف معًا للمطالبة بوقف فوري ومستدام لإطلاق النار لأسباب إنسانية من قبل جميع أطراف النزاع يكون ملزم للطرفين، أو ضرورة التوصل لهدنة إنسانية فورية وعودة الأسري بدون قيد أو شرط، للحيلولة دون وقوع المزيد من الخسائر في أرواح المدنيين، ولضمان إمكانية وصول المساعدات المنقذة للحياة إلى سكان قطاع غزة، في خضم كارثة إنسانية غير مسبوقة.

تجدر الإشارة إن الجمعية العامة  للأمم المتحدة أقرت بهدنة إنسانية، وهي ليست ملزمة بموجب القانون الدولي. وتعتبر بمثابة  مناشدات للأطراف المتصارعة، والتي تعكس رأي الأغلبية في الهيئة العالمية، وإن قبول إسرائيل وحماس بالهدنة التي طالبت بها الجمعية العامة للأمم المتحدة أمر متروك بالكامل لطرفي الصراع - فهما غير مجبرين على القيام بذلك.

حيث إن قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وحدها هي الملزمة بموجب القانون الدولي. ويمكنه تهديد الدول المعنية بالعقوبات إذا لم تلتزم بالقرار.
ويتساءل البعض ما الفرق بين وقف إطلاق النار والهدنة الإنسانية.

وقف إطلاق النار هو اتفاق ينظِّم وقف جميع النشاطات العسكرية لمدة معيَّنة في منطقة معيَّنة. ويجوز الإعلان عنه من جانب واحد أو ربّما يتمّ التفاوض عليه بين أطراف النزاع.

ونري إن وقف إطلاق النار الفوري هو أيضًا الطريقة الأكثر فعالية لحماية المدنيين لمنع ارتفاع عدد القتلى المدنيين. ويمكن أن يوفر أيضًا فرصة لتأمين إطلاق سراح الرهائن بشكل آمن، .ومن الممكن أن يتيح وقف إطلاق النار أيضًا إجراء تحقيقات مستقلة في انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب التي ترتكب، بما في ذلك تحقيقات من جانب المحكمة الجنائية الدولية، ووضع حد للإفلات من العقاب المستمر منذ فترة طويلة على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وضمان العدالة وتعويض الضحايا، لمنع تكرار هذه الفظائع، ولمعالجة الأسباب الجذرية لهذا الصراع.

اما الهدنة: فهي اتفاق بين المتحاربين لوقف القتال لمدة معينة وينصرف أثر الهدنة إلى وقف العمليات الحربية مع الإبقاء على حالة الحرب وهو عمل حربي وسياسي وهذا الفارق بين الهدنة ووقف إطلاق النار لأن الأخير إجراء عسكري فقط، بينما تبدو أهمية خط الهدنة باعتباره حدا فاصلا بين القوات المتحاربة أي انه في حال استمرار الحرب لأي سبب كان في بعض مناطق القتال يجب إعادة الحال إلى ما كانت عليه، ويجرى عقد الهدنة كتابة وهي الحالة الاعتيادية ولا يوجد ما يمنع من عقدها شفاهة وتبقى الهدنة طيلة المدة المتفق عليها، ولا يجوز خرق خط الهدنة من أي طرف من أطراف النزاع.

وقد نظمت اتفاقية لاهاي الرابعة كل ما يتعلق بالهدنة وتدخل الهدنة في التدابير التي يتخذها مجلس الأمن الدولي لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه وفقا للمادة 40 من ميثاق الأمم المتحدة. ومما يجب تأكيده أن كل ما اتفق عليه يعد ملزما للدولة الموقعة على اتفاقية الهدنة أما القيد الذي لا ينص عليه فلا يمكن أن تلتزم به الدولة

في تقديري يمكن الاتفاق على وقف  إطلاق النار لمدة معينة  "هدنة إنسانية". للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، ودون قيد أو شرط.  ويمكن أيضا استخدام وقف إطلاق النار خلال مفاوضات تبادل الأسرى، وعمليات الإغاثة التي يجري التفاوض عليها في سياق وقف إطلاق النار قد يتمّ استخدامها كورقة مساومة بين أطراف النزاع، للحصول على تسويات سياسية أو عسكرية أو لاختبار حسن نوايا الخصم أو قدرته على السيطرة على قواته أو على منطقة معينة. ويجب أن تكون منظمات الإغاثة مدركة لهذا الخطر وأن تجري تقييمًا للخطر الذي قد يحدث في الميدان لهذا السبب. ويجب ألا تكون المساعدات الإنسانية مشروطة.

وينصّ القانون الدولي الإنساني على أنه “كلما سمحت الظروف، يتفق على تدبير عقد هدنة أو وقف إطلاق النيران أو ترتيبات محلية لإمكان جمع وتبادل ونقل الجرحى والمرضى المتروكين في ميدان القتال (اتفاقيّة جنيف 1، المادة 15).

ومع ذلك، فإن الهدف الرئيسي لوقف إطلاق النار لا يكمن في إتاحة المجال للقيام بالأعمال الإنسانية، بل هو قرار عسكري يستجيب للأهداف الاستراتيجية: تجميع القوات، تقييم قدرات الخصم وسلسلة القيادة أو إجراء مفاوضات.

أن قرار وقف إطلاق النار يدخل ضمن التدابير المؤقتة التي يتخذها مجلس الأمن وفقا للمادة 40 من ميثاق الأمم المتحدة التي تقرر أن هذه التدابير لا تخل بحقوق المتنازعين ومطالبهم أو بمراكزهم."المادة40 من ميثاق الأمم المتحدة

بناء عليه فإننا نناشد المجتمع الدولي وقف فوري ومستدام لإطلاق النار أو التوصل هدنة إنسانية لإيصال المساعدات لأهالي غزة المحاصرين، وعودة الأسري . وندعو إلي وقف التصعيد والجلوس على مائدة التفاوض لحل الصراع على أساس حل الدولتين وفقاً لقرارات الشرعية الدولية والقرارات ذات الصِّلة وهذا هو طريق السلام العادل في منطقة الشرق الإوسط .