ياسر أيوب
أسباب ومعانٍ كثيرة وجميلة جعلتهم يختارون ما قام به الأسترالى بوبى بيرس، فى دورة أمستردام الأوليمبية 1928، كواحدة من أجمل حكايات الرياضة فى التاريخ الأوليمبى.. فإذا كان هناك مَن يرون إنسانيتهم أهم وأغلى من أى بطولة وانتصار أو جائزة وميدالية، وعلى استعداد للتضحية بكل ذلك من أجل آخرين سواء كانوا أطفالًا أو كبارًا.. فإن بوبى بيرس كاد يضحى بميدالية الذهب الأوليمبية من أجل صغار البط، التى كانت فى قناة ستوتن خلف والدتها.
فقد سافر بوبى إلى هولندا ليمثل بلاده فى مسابقة التجديف الأوليمبية.. وبعدما فاز فى الأدوار الأولى، وبات فى نظر كثيرين المرشح الأول للفوز بميدالية الذهب.. جاء موعد سباق دور الثمانية ليفاجأ الجميع ببوبى يتوقف فجأة فى وسط القناة لأنه رأى سرب البط الصغير، وأدرك أنه لو أكمل التجديف فستكون صغار البط ضحايا لهذا الانتصار.
وظل ينتظر أن يعبر سرب البط القناة، ولم يزعجه أن يسبقه المنافس الفرنسى سورين.. وحين استأنف بوبى التجديف كانت مكافأته هى لحاقه بالفرنسى، ثم التفوق عليه ليفوز بعدها بنصف النهائى ثم ميدالية الذهب فى النهاية.. وتوقف كثيرون بعدها أمام ما قام به بوبى بمنتهى التقدير والاحترام وظلوا يتناقلون حكايته حتى الآن.. وإذا كان الأسترالى بوبى بيرس قد انتصر لإنسانيته وفاز رغم ذلك.
فإن لاعب الشراع الكندى لورانس ليمييه كان فى المركز الثانى بعد أربع جولات فى دورة سول الأوليمبية 1988.. وكان متقدمًا فى الجولة الخامسة ليضمن ميدالية أوليمبية.. وفوجئ لورانس بزورق سنغافورة يتحطم وسط الماء.. ولم يتردد لورانس، واقترب من بطلى سنغافورة، اللذين أصبحا وسط الماء، أحدهما جريح لا يقوى على الحركة، فحمله لورانس، ووضعه فى زورقه، وانتظر حتى جاءت سفن الإنقاذ الكورية، وحملت بطلى سنغافورة.
وأكمل لورانس بعدها السباق، وبدلًا من أن يفوز بميدالية، احتل المركز الثانى والعشرين.. ولهذا حرص سامارانش، رئيس اللجنة الأوليمبية الدولية، وقتها على تكريم لورانس ومنحه ميدالية كوبرتان، وسط تصفيق الجميع واحترامهم.. ولم يعد أحد الآن يذكر الفائزين بهذا السباق مقابل كثيرين يتداولون اسم لورانس بكل اعتزاز دليلًا على أن الإنسانية هى التى تفوز فى النهاية وليس الميداليات والجوائز. ومنذ سنوات قليلة فى نيجيريا.
اقترب البطل الكينى سيمون شبروت من الفوز بذهبية سباق أوكبيكبى الدولى للعدو 10 كيلومترات.. وفوجئ سيمون قبل الجولة الأخيرة بأحد المنافسين يسقط من الإعياء عاجزًا عن الوقوف.. فلم يتردد سيمون، وقرر التضحية بالميدالية والجائزة المالية الكبيرة ليحمل بنفسه اللاعب العاجز حتى خط النهاية، وسط تصفيق كل مَن كانوا فى الاستاد، الذين لم يعرفوا مَن الذى فاز بالسباق.
نقلا عن المصري اليوم