البابا يستقبل المشاركين في اللقاء الدولي الثاني للمسؤولين عن المزارات والعاملين فيها
محرر الأقباط متحدون
استقبل البابا فرنسيس صباح اليوم السبت في قاعة البابا بولس السادس بالفاتيكان المشاركين في اللقاء الدولي الثاني للمسؤولين عن المزارات والعاملين فيها.
وجه الحبر الأعظم لضيوفه خطاباً استهله مرحباً بالحاضرين لافتا إلى أنه يولي اهتماماً خاصاً لحياة المزارات، ووجه كلمة شكر إلى المطران رينو فيزيكيلا على هذه المبادرة وعلى التزام الدائرة الفاتيكانية التي يرأسها في الاهتمام برعوية المزارات. وأضاف فرنسيس أن هذه المزارات هي في الواقع أماكن مميزة، يهرع إليها شعب الله كي يصلي ويجد فيها التعزية، ويتطلع بثقة أكبر إلى المستقبل.
بعدها أكد البابا أن المؤمن يتوجه إلى المزار قبل كل شيء آخر كي يصلي، ومن هذا المنطلق لا بد أن تبقى المزارات أماكن مميزة ولائقة للصلاة. وقال إنه يعلم إلى أي مدى يتم الاهتمام بالاحتفالات الإفخارستية وبمنح سر المصالحة. وشجع الحاضرين على أن يتمتعوا بروح التمييز خلال عملية اختيار الكهنة الذين يمنحون سر الاعتراف، كي لا يجد الأشخاص المقبلون على هذا السر والباحثون عن رحمة الله الآب عائقاً أمام عيش مصالحة تامة، وذكّر فرنسيس بأن سر الاعتراف يرتكز دوماً إلى المسامحة والغفران. وفي المزارات لا بد من أن يُعبر عن فيض رحمة الله، وذلك انطلاقاً من طبيعة المزارات نفسها. لأن فيها ينبغي أن يجد المؤمنون فسحة مميزة للقاء نعمة الله.
مضى البابا إلى القول إنه في تاريخ كل مزار من السهل أن نلمس لمس اليد إيمان شعبنا، الذي يبقى حياً ويتغذى بواسطة الصلاة، بدءا من السبحة الوردية، التي تساعد المؤمن على الصلاة من خلال التأمل في أسرار حياة يسوع والعذراء مريم. وأضاف أن الدخول روحياً في هذه الأسرار، والشعور بأننا جزء حي مما يشكل تاريخنا الخلاصي هو التزام عذب، يضفي على حياتنا اليومية نكهة الإنجيل.
هذا ثم تطرق البابا إلى أهمية العبادة، وقال إن الناس فقدوا معناها بعض الشيء ولا بد من استعادته. وشدد في هذا السياق على ضرورة توفير أجواء من الصمت التأملي في المزارات، مع أن المسألة ليست دائماً سهلة. وأكد أن هذا الصمت يساعد المؤمنين على توجيه أنظارهم نحو جوهر الإيمان، مشيرا إلى أن الصمت ليس ابتعاداً عن الحياة، بل هو الفسحة التي تعطي معنى لكل شيء، والتي ينال فيها المؤمن هبة محبة الله ليشهد له من خلال المحبة الأخوية.
بعدها أوضح البابا أن المؤمنين يتوجهون أيضا إلى المزارات لينالوا التعزية، لافتا إلى أن كثيرين هم الأشخاص الذين يذهبون إلى تلك الأماكن وهم مثقلون بالأعباء والهموم، كإصابة شخص قريب بمرض ما، أو فقدان أحد أفراد العائلة، بالإضافة إلى أوضاع صعبة في الحياة مطبوعة بالوحدة والحزن. وكل تلك الأعباء يضعها المؤمن على المذبح منتظراً رداً ما. وقال فرنسيس بهذا الصدد إن التعزية ليست فكرة مجردة، ولا ترتكز إلى الكلمات بل إلى قرب مطبوع بالرأفة والحنان، قرب يتفهم الألم والمعاناة. وهذا هو نمط الله، القريب والرؤوف والحنون.
وأضاف البابا أن تعزية شخص ما تعني التعبير الملموس عن رحمة الله، لذا يجب ألا تغيب خدمة التعزية عن مزاراتنا. ولا بد أن نتذكر أن الرب يعزينا في ضيقاتنا كي نتمكن بدورنا من تعزية الآخرين بالطريقة نفسها، كما يقول القديس بولس الرسول. ولفت فرنسيس إلى أن الإنسان قادر على أن يكون علامة للتعزية بقدر ما يختبر هو شخصيا التعزية المخلصة التي يمنحها الرب يسوع. وهذه الخبرة تمر عبر أمومة مريم "المعزّاة".
تابع الحبر الأعظم خطابه قائلا إن الأشخاص يتوجهون إلى المزارات كي ينظروا إلى المستقبل بثقة أكبر. وأشار إلى أن الحاج يحتاج إلى الرجاء، ويفعل ذلك من خلال رحلة الحج نفسها، إذ يسير بحثاً عن هدف آمن يصل إليه. يطلب الرجاء من خلال الصلاة لأنه يعلم أن الإيمان البسيط والمتواضع يمكن أن يمنحه النعمة التي يحتاج إليها. لذا من الأهمية بمكان أن يشعر الحاج، بعد أن يعود إلى بيته، أن صلواته استُجيبت وأن يكون مفعماً بالطمأنينة لأنه وضع ثقته بالله. وأضاف فرنسيس أن القيمين على المزارات، الذين يولون اهتماماً كبيراً بالضيافة، مدعوون أيضا إلى تعزيز الاهتمام الرعوي بالحجاج بعد أن يكونوا قد غادروا المزارات وعادوا إلى حياتهم الطبيعية، كي يحتفظوا بكلمات وعلامات الرجاء، وبهذه الطريقة تكتسب زيارة الحج معناها الكامل.
في ختام كلمته أكد البابا أنه شاء أن يُكرس العام المقبل، في إطار الاستعدادات ليوبيل العام ٢٠٢٥، للصلاة. وأوضح أن الكنيسة ستنشر قريباً كتيبات تساعد المؤمنين على إعادة اكتشاف مركزية الصلاة، قائلا إنه يوصي الجميع بالاطلاع عليها، لأنها تحفز على الصلاة ببساطة تماشياً مع قلب المسيح. وتمنى فرنسيس أن ترتفع من جميع المزارات أناشيد الشكر للرب على الروائع التي يصنعها في أيامنا هذه، بالإضافة إلى التضرع للعذراء مريم لكي يجد الاخوة والأخوات المتألمون السلام والرجاء في هذا الزمن الصعب.