ياسر أيوب
في أقصى شمال إسبانيا.. وفوق ثلاثة جبال وتلال لا أول لها أو آخر.. وعلى ضفاف خليج بسكاى ونهر أوروميا.. تسكن مدينة سان سباستيان، التي هي واحدة من أجمل مدن إسبانيا وغرب أوروبا، وليست فقط المدينة الأجمل في إقليم الباسك.. مدينة نادرًا ما يأتى اسمها في أي أحاديث وحكايات عربية التي دائمًا تحكى عن برشلونة ومدريد والأندلس وجنوب إسبانيا.. لكنها بالنسبة لأوروبا هي مدينة الملوك والنجوم والمشاهير ببيوتها الصغيرة الملونة وفنادقها المطلة على خليج كونثا.. ويتزايد عدد زوار سان سباستيان عاما بعد آخر حتى تضطر لأن تقرر، الشهر الماضى، عدم التصريح ببناء أي فنادق جديدة للحد من زيادة عدد السائحين، حفاظًا على جمال المدينة ومعالمها وخدماتها.. ومعنى أن تعلن سان سباستيان مؤخرًا الغضب من إسرائيل وتتضامن بمنتهى الحسم والوضوح مع فلسطين، هو أن ما يجرى في غزة أصبح فوق احتمال أهل هذه المدينة، وجمهورها الكروى الذي فاجأ أوروبا كلها، الأربعاء الماضى، بما لم يتوقعه أو يتخيله أحد.. فقبل مباراة ريال سوسيداد، المنتمى لسان سباستيان، أمام بنفيكا البرتغالى، في الجولة الثالثة لمجموعات دورى أبطال أوروبا.. دخل مشجعو ريال سوسيداد استاد أنويتا، أو المعروف حاليًا باستاد ريالى، وهم يرتدون ثيابًا بيضاء لطخوها بالدماء، وما إن أصبحوا داخل الاستاد حتى رفعوا كلهم أعلام فلسطين.. فالدماء كانت رمزًا لمن ماتوا في غزة بسلاح إسرائيل، والأقنعة التي غطت الوجوه كانت دلالة على الشروع في إبادة شعب بأكمله وليس بضعة أفراد معروفين.. ورغم أنه مشهد يستحق أن تتوقف أمامه صحافة إسبانيا وأوروبا كلها، حتى لو بقصد الرفض والإدانة أو تحليل وتفسير ما جرى..
إلا أن معظم هذا الإعلام تجاهل تمامًا ما جرى في استاد أنويتا ولم يعرف به أحد إلا بعد أن نشر جمهور ريال سويداد، أمس الأول، أكثر من فيديو وصورة لما جرى.. فقد كان المشهد كله مفاجئًا ومربكًا وصادمًا، سواء لإسرائيل أو من يدعمونها في أوروبا.. خاصة أنه في مدينة سان سباستيان، الجميلة والهادئة والراقية، التي ذهبت إليها أكثر من مرة، سواء مع الأهلى أو الزمالك، وأعرف كل تفاصيلها وطباعها، وأنها نادرًا ما تحزن وتغضب إلى هذا الحد.. ولم تكن سان سباستيان وحدها في إقليم الباسك، إنما اعتادت أندية الباسك، البالغ عددها 56 ناديًا في مختلف درجات الدورى الإسبانى، رفع العلم الفلسطينى طيلة الأيام الماضية.. وبلغ الأمر بالأمن أن يرفض سفر اللاعب فايسمان، المؤيد لإسرائيل، مع فريق جرانادا إلى مدينة بامبيلونا، حتى لا تخطفه أو تقتله جماهير نادى أوساسونا، التي أغضبها تصريح اللاعب بضرورة إلقاء مزيد من القنابل على غزة.
نقلا عن المصرى اليوم