ياسر أيوب
لم يهتم العالم بإعلان بطلة التنس اليابانية ناومى أوساكا عودتها للملعب من جديد، بداية من دورة بريسبان الدولية التي ستبدأ في آخر أيام السنة الحالية.. إنما كان الاهتمام بإنسانة فقدت فجأة كل شىء.. هزائمها سرقت فرحتها، واكتئابها زادها ضعفا، وخوفها أبعدها عن أي محاولة للعب من جديد.. ولأن ناومى لم تكن من أنصاف الموهوبين الذين لا يهتم بهم العالم حتى لو نجحوا مؤقتا.. ولم تكن فاشلة لا تجيد إلا اختراع أسباب ومبررات للفشل وأنها ضحية مؤامرات الآخرين.. ولم تكن من الذين إن بعدت عنهم الأضواء يحاولون استعادة اهتمام الناس بأى شكل أو ثمن.. ولهذا اهتم العالم بهذا الانهيار المفاجئ لبطلة حقيقية كانت أول لاعبة تنس آسيوية تفوز في 2018 بإحدى بطولات الجائزة الكبرى، وأيضا أول لاعبة تنس آسيوية تصبح المصنفة الأولى عالميا.. ووقتها احترم الكثيرون شجاعتها حين صارحتهم بأنها رغم هذه الانتصارات تلجأ للأطباء النفسيين للمحافظة على توازنها..
وبعد الفوز بأربع بطولات جائزة كبرى وانتصارات كثيرة وشهرة عالمية حقيقية.. فوجئ الفرنسيون في 2021 بناومى ترفض حضور المؤتمر الصحفى في رولان جاروس، بعد فوزها على الرومانية باتريسيا تيج.. وأنها لن تحضر بعد ذلك أي مؤتمرات صحفية مهما كانت الغرامات والعقوبات.. وتضامنت معها الصحفية شينا ماكينزى مراسلة سى إن إن في لندن قائلة إن هذه المؤتمرات باتت تشبه ساحات الصراع الرومانية القديمة، حيث يجلس السادة في المدرجات للفرجة على مصارع دفعوا به ليواجه وحده أسودا مفترسة وجائعة وغاضبة أيضا.. وانهارت بعدها ناومى تماما وحاولت مجلة تايم مساندتها فاختارتها لغلافها ودعتها لتكتب بنفسها مقالا تشرح فيه معاناتها.. واحتضنتها اليابان واختارتها تحديدا لتحمل العلم اليابانى في طابور افتتاح دورة طوكيو في 2021 على أمل أن تعود من جديد إلا أنها خسرت في الدور التمهيدى الثالث..
وقررت الاعتزال قائلة إنها باتت تكره هذا العالم وتخاف منه.. عالم رأته ناومى لا يمنح أي إنسان الحق في أن يخاف أو يتعب أو يضعف أو يكتئب.. وبعد أكثر من سنتين.. قررت ناومى أن تعود من جديد لتشارك في دورة بريسبان التي يعتبرها عالم التنس بمثابة بروفة لبطولة أستراليا المفتوحة التي ستبدأ في يناير المقبل.. وعاد العالم يهتم من جديد بناومى أوساكا ليس كبطلة تنس عالمية انهارت ثم استعادت ثقتها وقواها من جديد.. إنما رأى فيها رمزا للإنسان الذي يرفض اليأس والاستسلام.. يقع ويقوم.. يخسر كل شىء ليقرر أن يبدأ من جديد.. الإنسان الذي يعرف أنه طالما لا يزال على قيد الحياة فكل الأحلام تبقى ممكنة.
نقلا عن المصرى اليوم