محرر الأقباط متحدون
على هامش لقاء عُقد في مقر السفارة البابوية لدى إيطاليا حول التعديات على القاصرين، علّق أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين على التطورات الراهنة في منطقة الشرق الأوسط، مشددا على ضرورة الإفراج عن الرهائن ووقف إطلاق النار، معتبرا أنهما شرطان أساسيان لحل الأزمة الراهنة. وندد المسؤول الفاتيكان بتوريط المستشفيات في الصراع المسلح، وقال إنه ينظر بقلق حيال تنامي حدة العنف في أوكرانيا، داعياً إلى استعادة الثقة المتبادلة من أجل عقد مؤتمر دولي للسلام.
في دردشة أجراها مع عدد من الصحفيين على هامش الأعمال لم يُخف الكاردينال بارولين قلقه البالغ حيال مصير الرهائن الإسرائيليين الذين ما يزالون محتجزين لدى حماس، ومصير المدنيين في قطاع غزة، بما في ذلك الجماعة المسيحية الضئيلة العدد، كما عبر عن قلقه أيضا حيال الحرب الدامية المستمرة في أوكرانيا. وعبر نيافته عن أمله بأن تتحقق خطوات إلى الأمام، خصوصا في ضوء اللقاء الذي عُقد يوم الخميس الفائت بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الصيني شي جينبينغ. كما لفت إلى إمكانية الدعوة إلى انعقاد مؤتمر سلام دولي، على غرار مؤتمر هلنسكني.
تمحور القسم الأكبر من كلام أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان حول الوضع الراهن في إسرائيل وغزة، وقال إنه ما يزال قلقاً جداً حيال ما يجري في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن هذا القلق يتزايد يوماً بعد يوم. وأكد أنه يشجب الهجمات التي تستهدف المستشفيات والمرافق الصحية قائلا إن احترام المستشفيات ودور العبادة يشكل جزءا أساسياً من القانون الإنساني الدولي، ولفت إلى أنه لا يوجد أي مسبب على الإطلاق لاستهداف المستشفيات مهما كانت العمليات العسكرية التي تُشن.
هذا ثم أشار الكاردينال بارولين إلى عقد لقاء بين البابا فرنسيس وعائلات الرهائن (الإسرائيليين) والمرتقب أن يتم يوم الأربعاءالمقبل. وجدد الأمنية التي عبر عنها الحبر الأعظم في أكثر من مناسبة منذ السابع من تشرين الأول أكتوبر الماضي، ألا وهي التوصل إلى الإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس. قال نيافته: نعتقد أن تحرير الرهائن هو مسألة جوهرية من أجل التوصل إلى حل للأزمة الراهنة، وذلك من وجهة النظر الإنسانية. وأضاف أن هؤلاء الرهائن هم رجال ونساء وأطفال، ومن بينهم صغار حديثو الولادة ونساء حوامل. كما شدد نيافته أيضا على ضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وإيصال المساعدات إلى السكان المحتاجين ومعالجة الجرحى والمصابين، معتبرا أن أي حل للمشكلة ينبغي أن يستند إلى هاتين الركيزتين.
بعدها شاء المسؤول الفاتيكاني أن يذكر بما قاله بطريرك القدس للاتين، الكاردينال بيرباتيستا بيتسابالا، خلال اتصال فيديو مع الأساقفة الإيطاليين المشاركين في الجمعية العامة غير العادية في أسيزي، والذي عبر عن قلقه حيال مصير الجماعة المسيحية في غزة، مذكرا بأنها جماعة صغيرة جدا تعد مائة وخمسين شخصاً تقريباً لجأوا إلى حرم الكنيسة والذي يستضيف أصلا عدداً كبيرا من المهجرين الغزيين.
تابع الكاردينال بارولين لافتا إلى أن القلق على مصير هؤلاء المسيحيين لا يقتصر عليهم وحسب بل يتسع ليشمل الجميع لأن قلب الكنيسة لا ينغلق أمام الآخرين، مذكرا بأن الكنيسة في غزة فتحت أبوابها لكل شخص طلب اللجوء والمساعدة وهي تعتني بالكل. واعتبر نيافته في هذا السياق أن الألم بات القاسم المشترك لدى الجميع، وإزاء الألم لا يوجد تمييز أو تفرقة. فيما يتعلق بالمهجرين الموجودين داخل الكنيسة قال المسؤول الفاتيكاني إن الكنيسة حصلت على ضمانات لكنه أكد أن الحرب لا تميز بين شخص وآخر. وعاد ليشدد على ضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار في أسرع وقت ممكن.
لم يخف أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان قلقه حيال مصير الحضور المسيحي في الأرض المقدسة الذي تضاءل أصلا، مشيرا إلى أن الصراع الدائر حالياً في المنطقة سيحمل المزيد من المسيحيين على النزوح، نظرا للوضع المأساوي الراهن في الأرض المقدسة ومنطقة الشرق الأوسط بأسرها، حيث الصراعات المسلحة – تابع قائلا – كانت وما تزال المسبب الرئيسي لنزوح المسيحيين الذين يهربون من العنف ويبحثون عن الأمن والسلام في مناطق أخرى من العالم. في معرض حديثه عن الجهود الدبلوماسية قال بارولين إن مصر وقطر تقومان بشيء ما على ما يبدو، لافتا في هذا الإطار إلى أن الكرسي الرسولي هو أيضا على تواصل مع عدد من الأطراف – مع أنه لا توجد جهود وساطة مباشرة – من أجل الإسهام في التوصل إلى حل للمشكلة.
بعدها قال المسؤول الفاتيكاني إن فكره يتجه نحو أوكرانيا، مشيرا إلى أن وسائل الإعلام لم تعد تعطي الأزمة الاهتمام اللازم. وشدد على ضرورة الحديث دوماً عن كل الصراعات الدائرة، لاسيما الصراع الأوكراني الدامي، معبرا عن ألمه حيال سقوط أعداد كبيرة من القتلى لدى الجانبين. وقال إنه لا تلوح في ا لأفق بوادر حل ولا بد من الاستمرار في البحث عن مخرج لهذه الأزمة أيضا. في ختام حديثه الصحفي عبر أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان عن أمله بعقد مؤتمر سلمي دولي، على غرار مؤتمر هلنسكي، الذي وضع حدا للحرب الباردة وقال إن هذه الخطوة تتطلب حدا أدنى من الثقة المتبادلة، مذكرا بأن مؤتمر هلسنكي أبصر النور من قناعة الجميع بإمكانية تحقيق انجاز ما معاً. وأكد أنه يُحكى دائماً عن أمور سلبية، لكن يبقى هناك بصيص أمل، متمنيا أن ينمو هذا الأمل ويتقوى.