البابا يستقبل أعضاء الجمعية الإيطالية لأطباء الأنف والأذن والحنجرة والاتحاد الإيطالي لأطباء الأطفال

محرر الأقباط متحدون
استقبل البابا فرنسيس صباح اليوم السبت في قاعة بولس السادس بالفاتيكان أعضاء الجمعية الإيطالية لأطباء الأنف والأذن والحنجرة العاملين في المستشفيات والاتحاد الإيطالي لأطباء الأطفال، ووجه لضيوفه خطاباً شدد فيه على ضرورة أن يتبنى الأطباء موقفا مشابها للسامري الصالح، الذي لم يغير طريقه أمام الشخص المتألم والجريح بل انحنى عليه وحاول أن يخفف من ألمه دون أن يترك الأحكام المسبقة تُغلق قلبه وأن يفكر بما سيناله بالمقابل. وتمنى أن تُتخذ إجراءات تساهم في تعزيز كرامة هذه المهنة كي لا يُجبر الأطباء على الهجرة.

استهل الحبر الأعظم كلمته مرحباً بالحاضرين ومعبرا عن تقديره وامتنانه الكبيرين للنشاط الذي يقومون به يومياً، وأوضح أنهم اختاروا، من خلال اختصاصاتهم المختلفة، أن يضعوا أنفسهم في خدمة الأشخاص المحتاجين إلى الرعاية والعلاج. وقال إن أطباء الأطفال بنوع خاص يشكلون مرجعاً للأزواج الشبان، ويساعدونهم على مرافقة أطفالهم خلال مرحلة النمو، لافتا إلى أن الأطفال هم دائماً هبة وبركة من الرب.

بعدها أشار البابا إلى أن إيطاليا هو بلد يشيخ وللأسف معربا عن أمله بأن تنعكس هذه الآية وأن توفّر الظروف الملائمة كي تتعزز ثقة الشبان ويجدوا الفرح والشجاعة اللازمين ليصبحوا والدين. وتوجه فرنسيس إلى أطباء الأنف والأذن والحنجرة لافتا إلى أنهم يعتنون بأعضاء الجسم الضرورية من أجل العلاقات بين البشر والتي تحافظ على التواصل داخل الجماعة. وذكّر في هذا السياق بأن يسوع اقترب من الأشخاص الصم والبكم، الذين كانوا يعيشون في العزلة والوحدة. وقام بشفائهم من خلال بعض الأفعال والكلمات، وتمنى البابا أن تكون أفعال الرب وكلماته مصدر إلهام للأطباء لأنها مفعمة برأفة الله وحنانه تجاهنا، خصوصا تجاه الأشخاص الذين يواجهون صعوبات.

تابع البابا خطابه قائلا إن ضيوفه، وبالتعاون مع العديد من العاملين في قطاع الصحة، يشكلون أحد الأعمدة التي ترتكز إليها البلاد. ولفت إلى أن ذكرى الجائحة ما تزال مؤلمة، مؤكدا أنه بدون تفاني وتضحيات والتزام العاملين الصحيين لكان مات أشخاص كثيرون. وأضاف أنه بعد ثلاث سنوات على بداية الجائحة، ها هو الوضع الصحي في إيطاليا يمر بمرحلة حساسة قد تصبح بنوية، وهي ناتجة عن النقص في الأطباء والممرضين، مشيرا إلى أن الأزمة الاقتصادية الراهنة تؤثر على نوعية حياة المريض والطبيب على حد سواء وتساءل البابا: كما هي عمليات التشخيص المبكر التي لا تتم؟ كم هم الأشخاص الذين يتخلون عن العلاج؟ كم من الممرضين والأطباء اليائسين الذين يتركون كل شيء وينتقلون إلى الخارج؟

وقال الحبر الأعظم إن هذه هي بعض العناصر التي تسيء إلى ممارسة هذا الحق في الصحة، والذي هو جزء من إرث العقيدة الاجتماعية للكنيسة والذي ينص عليه أيضا الدستور الإيطالي كحق أساسي لكل فرد، لاسيما الأشخاص الضعفاء، لأن الصحة هي خير جماعي. وذكّر البابا بأن الصحة العامة في إيطاليا ترتكز إلى مبادئ الكونية والإنصاف والتضامن، لكن هذا المبادئ تواجه اليوم خطر ألا تُطبق.

هذا ثم قال البابا إن ثمة اليوم ظاهرتين خطيرتين آخذتين بالانتشار. أولا، البحث عن الصحة، مهما كلف الأمر، وعن يوطوبيا إلغاء المرض والتخلص من خبرة الهشاشة والمحدودية؛ ثانياً، التخلي عن الأشخاص الضعفاء، وتُطرح أحياناً عليهم فرضية الموت كحل وحيد. لكن الطب الذي يتخلى عن العلاج والرعاية ويحتمي وراء ممارسات وإجراءات لا إنسانية لم يعد فن العلاج. وأضاف فرنسيس أنه لا بد من الاقتراب من كل شخص مريض بموقف يشابه السامري الصالح، الذي لم يغير طريقه بل انحنى على الرجل الجريح وحاول أن يخفف من ألمه دون أن يطرح عليه الأسئلة وأن يترك الأحكام المسبقة تُغلق قلبه، وأن يتساءل عما سيجنيه بالمقابل. وأكد الحبر الأعظم أن هذا المثل من الإنجيل يساعد ضيوفه على النظر دوماً إلى وجوه المرضى، الصغار والكبار على حد سواء، وعلى مدهم بالأمل، والإصغاء إلى قصصهم ومرافقتهم عندما تصبح طريقهم عسيرة.  وأشار فرنسيس في هذا السياق إلى أن الكلمة المفتاح هي الرأفة، التي ليست شفقة، بل هي أداة للتشخيص لا بديل لها!

في ختام كلمته إلى أطباء الفم والأذن والحنجرة وأطباء الأطفال قال البابا إن من يعتني بالآخرين عليه أن يعتني بنفسه أيضا، لافتا إلى أنه في السنوات القليلة الماضية تم اختبار صمود الأطباء والمرضى والعاملين الصحيين. واعتبر أنه لا بد من اتخاذ التدابير الكفيلة بإعطاء المزيد من الكرامة للنشاط الذي يقومون به وبتوفير الظروف الملائمة كي تُمارس هذه المهنة بطريقة أكثر فاعلية. هذا ثم جدد الحبر الأعظم التعبير عن امتنانه لضيوفه على النشاط المهني الذي يقومون به، وعلى نشاطهم داخل الجمعية الذي هو بالغ الأهمية. وقال إنه يود الإفادة من هذه الفرصة ليشجع الأطباء الشبان على السير في هذه الدرب المهنية، والاعتناء بالشخص القريب. بعدها سأل البابا فرنسيس العذراء مريم أن تشفع بضيوفه وأن ترافقهم، ومنح كل الحاضرين وعائلاتهم بركاته الرسولية، طالباً منهم أن يصلوا من أجله.