فريدة الشوباشى

 سيسجل التاريخ فى تقديرى أن رد الفعل الأمريكى الإسرائيلى على عملية طوفان الأقصى يعتبر من أكثر العمليات الإرهابية وحشية وضراوة.. ولعل من أكثر الأكاذيب وقاحة الادعاء بأن إسرائيل هى الوطن الآمن لليهود فى منطقة الشرق الأوسط، علماً بأن اليهود لم يتعرضوا مطلقاً إلى تعصب دينى فى الوطن العربى، ولا يستطيع أحد أن ينكر على أبناء وطن حقهم فى رفض إرهاب بالغ العنف على أيدى مجموعات دفعها الاستعمار البريطانى وبعدها رعتها الولايات المتحدة الأمريكية لأغراض أبعد ما تكون عن أى قدر من الإنسانية بل لمجرد تحقيق أطماع الدولة التى ادعت الدفاع عن القيم وعن حقوق الإنسان، فى ثروات الوطن العربى، خاصة البترول والغاز.

 
فهل لو كان الوافدون إلى فلسطين مسلمين كان أبناؤها سيقبلون بتهجيرهم لهم وسرقة منازلهم وأراضيهم وتحويلهم إلى لاجئين؟ ورغم هذه المحنة المؤلمة، فقد قبل العرب بقيام دولة للصهاينة على جزء من أرض فلسطين، غير أن قادة الدولة الصهيونية لم ينفذوا ولو قراراً واحداً من القرارات الدولية بشأن حقوق أبناء فلسطين واتضحت هنا أكاذيب الولايات المتحدة وحلفائها، بأجلى صورة ممكنة.. فلم ينتفض ما يسمى بالعالم الحر فى مواجهة حرب لم يسبق لها مثيل فى توحشها ضد أبناء غزة بدعوى مطاردة حماس، بينما تفضح صور المعارك الوحشية أكاذيب إسرائيل وراعيتها أمريكا والعالم بأسره يشاهد آلاف الضحايا من الأطفال الرضع والذين يصعب أن يكونوا أعضاء فى حركة حماس. وكذلك من النساء وكبار السن.
 
ومن أكثر المواقف إيلاماً موقف واشنطن القائل إن إسرائيل تدافع عن نفسها باقتحام مستشفى الشفاء واستهداف كافة مستشفيات غزة ومرضاها، وكأن المرضى الذين يلازمون الفراش يهددون الجيش الذى قيل إنه لا يقهر..! إن أكاذيب إسرائيل وأمريكا وبريطانيا خاصة تتهاوى أمام صمود أبناء غزة البطولى ويشاهد القاصى والدانى أن إسرائيل تجاهر بخوفها من منظمة مقاومة فلسطينية، وليس من جيش مسلح ولو بنصف أو حتى بربع أسلحة الدولة الصهيونية.
 
وبالتأكيد أن الحرب على غزة المستمرة للشهر الثانى على التوالى، قد فضحت أكاذيب إسرائيل ومن يستغلونها لوقف النمو العربى، ونقلت الموقف الفلسطينى والعربى عامة، من الوصف بالإرهاب إلى احترام معظم شعوب العالم، بل وبين أصحاب الديانة اليهودية أنفسهم، فاندلعت المظاهرات بكثافة لم يسبق لها نظير فى العديد من العواصم، دفاعاً عن غزة بل وفلسطين، غير عابئة بالأكذوبة البشعة التى تدمغ أى انتقاد لجرائم إسرائيل ودفاع الفلسطينيين عن أرضهم، بالعداء للسامية! إن طوفان الأقصى قد أغرق جبلاً من الأكاذيب التى سيطرت على العقول والمشاعر لعدة عقود بفعل الآلة الإعلامية الخبيثة ولكن الأكاذيب يصعب أن تصمد فى مثل ظروف ما بعد السابع من أكتوبر.
 
فقد افتضحت «مظلومية» إسرائيل أمام العالم وأكيد أن الصور لا تكذب، فالجميع شاهد آلاف الضحايا من الأطفال الرضع الذين قتلتهم إسرائيل على أساس أنها تطارد حماس!.. ومن إيجابيات هذه الحرب الضروس، حدوث صحوة إنسانية حيال مأساة فلسطين، على الصعيد العالمى وبين أبناء الوطن العربى بأسره، وصلت حتى إلى وعى الأطفال الصغار، ولا شك أن الثلاثمائة مليون عربى أصبح لهم ثأر من الدولة المعتدية والتى لم تتوقف يوماً عن العدوان، بالتوسع الاستعمارى بواسطة المستوطنات اليهودية التى تقوم على أنقاض الحقوق الفلسطينية، لكن ذلك كله أصبح من الماضى الكريه وصفحة جديدة تسطر فى تاريخنا وكذلك فى تاريخ العالم.. وستعود فلسطين حرة مستقلة.
نقلا عن الوطن