ياسر أيوب
رغم أن حكاية لاعبة الجمباز التشيكية إليسكا ميساكوفا ليست من الحكايات الشهيرة أو المتداولة هنا وهناك، إلا أنها تبقى من أكثر قصص الرياضة حزنًا في التاريخ الأوليمبى.. ولم يقتصر الحزن في حكاية إليسكا على موت لاعبة بدأت تتألق وتنجح لتموت قبل أن تفرح وتستمتع بأى نجاح وهى لا تزال في الثانية والعشرين من عمرها.. لكن الدراما التي كانت قبل وبعد الموت هي التي منحت حكاية إليسكا خصوصيتها ووجعها أيضا.. فقبل أن ينجح الطبيب الأمريكى جوناس سالك في 1953 في اكتشاف التطعيم المضاد لشلل الأطفال.. كان هذا المرض أشبه بالوباء من حيث درجة وسرعة انتشاره وعدد ضحاياه أيضا، سواء الذين أدركهم العجز أو الشلل أو مضاعفات كثيرة يمكن أن تنتهى بالموت.. وكانت إليسكا واحدة من هؤلاء الكثيرين جدًا الذين ماتوا قبل اكتشاف التطعيم، ماتوا نتيجة الإصابة بشلل الأطفال بعد رحلة بدأت بالميلاد في قرية كويتيتسا بمنطقة بوهيميا في تشيكوسلوفاكيا قبل تقسيمها.
ثم انتقلت إلى مدينة فيشكوف، حيث أحبت وتعلمت الجمباز وبدأت تلعب وتنجح.. وانتقلت إليكسا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية إلى العاصمة براج مع شقيقتها ميلوسلافا، حيث تم اختيار الشقيقتين لمنتخب تشيكوسلوفاكيا للجمبار الذي بدأ استعداداته للمشاركة في دورة لندن الأوليمبية 1948.. وسافرت اللاعبات إلى لندن يسبقهن طموح وحلم الفوز بميدالية جمباز أوليمبية.. ولم تكن هناك قرية أوليمبية، حيث أقيمت دورة 1948 في لندن التي كانت تعانى آثار الحرب ودمارها، رغم الانتصار.. وأقامت لاعبات تشيكوسلوفاكيا في مدرسة سانت هيلين وتنام كل ست أو سبع لاعبات في غرفة وينتقلن للملاعب بالمواصلات العامة، حيث لم تكن هناك وسائل نقل خاصة بالدورة الأوليمبية.
وفوجئ الجميع بإصابة إليسكا بشلل الأطفال وتم نقلها إلى مستشفى أوكسبريدج لتتلقى العلاج اللازم.. وتألقت اللاعبات التشيكيات وبدأن اجتياز الأدوار الأولى وكلهن أمل أن تشفى زميلتهن إليكسا الممنوع عليهن زيارتها في المستشفى وتلحق بهن في الأدوار النهائية وتشاركهن فرحة الفوز بالميدالية الأوليمبية.. وحين تأهل المنتخب التشيكى للنهائى عرفت لاعبات المنتخب أن زميلتهن إليكسا لم تعد تحارب من أجل ميدالية، إنما من أجل البقاء على قيد الحياة وسط محاولات الأطباء الإنجليز لإنقاذها وعلاجها.. وشاء القدر أن تموت إليكسا في المستشفى في نفس اليوم الذي فازت فيه زميلاتها بميداليات الذهب.. وحين جاء وقت تسلم الميداليات.. وقفت لاعبات المنتخب التشيكى على منصة التتويج بشرائط سوداء وفى أعينهن دموع الحزن والأسى وليست فرحة الانتصار والذهب.. وأصبحت إليسكا أول وآخر لاعبة تفوز بميدالية أوليمبية بعد موتها.. وقاد الطيار زوج شقيقتها آنا الطائرة التي عادت بجثمان إليسكا إلى براج.
نقلا عن المصرى اليوم