بقلم هالة الجيار
قمر فتاة فى ربيعها الرابع عشر ..كانت إحدى تلميذاتى فى فصول محو الأمية و التى تشرفت بأن أخدم بها فى منطقة خاصة بجمع وفرز القمامة..وكانت قمر بجسدها النحيل ووجهها الشاحب.. تمتلك عزيمة وشغف وقوة إرادة للتعلم من النادر ان أجده كثيرا فى افضل المجتمعات كانت مجتهدة مواظبة على الحضور وحدث أن غابت قمر عن حضور الدروس مرة واثنين مما اقلقنى فليست عادتها وتمنيت أن يكون المانع خيراً.. وأخيراً لمحتها قادمة من بعيد.. فتقدمت إليها بسرعة وسألت عن سبب غيابها بإهتمام فاعتذرت بخجل أنه كان بسبب مرض والدتها وأنها التى كانت تقوم بعملها فى فرز القمامة فهو مصدر قوتهم اليومى فأحتصنتها وانا اقول لها حمدالله على السلامة ولا يهمك حبيبتى.. فوجدتها كمن لا تصدق واحتصنتى بقوة ..والفرحة والإبتسامة لم تفارق وجهها طوال مدة الدرس..
قمر ..لم تعتد أن يصافحها أو يحتضنها أحد من الناس الذين تعمل لديهم بجمع القمامة بل كانوا يتعاملون معها عن بعد وبعدم إكتراث وكأنها جزء من هذه القمامة ..وكان هذا حال كل هذه الفئة التى تعمل فى هذه المهنة ..حضن قمر القوى كان بالنسبة لى أدفأ من كثير من الاحضان المزيفة الباردة..فقد أعطانى السعادة ..وجميع من كنت أعلمهم كانوا ينتظرون ميعاد الدرس بشغف فقط لانهم وجدوا منى الحب والاهتمام كأنهم جزء من عائلتى.. علمتهم القراءة والكتابة وعلمونى أن الحب لا يقتصر على فئات دون أخرى ..وبأن الحب وهو الهبة الإلهية لجميع البشر قد وزعها الله بالتساوي وبالعدل على كل الخليقة..
اليوم أدعوكم أن تجربوا مشاعر أحضان السعادة للجميع ليس فقط احبائكم .جربوا أن تعطوا السعادة لهذه الفئات المهمشة.. البسيطة ..الكادحة التى تعمل فى ظروف قاسية ..وليس لهم حتى حق الرفاهية ان يهتم بهم أحد .. فقط بالابتسامة ..أو التلويح بالأيدى من بعيد بحب ولمن لن يستكنف هذا فليصافح بالأيدى.. صدقونى ستجدون امتنان فى عيونهم قد لا تجدوه عند الكثير من الناس .
جربوا أن تهتموا بمن لا يهتم بهم أحد.وأثق بأنكم ستعودون لى بتجاربكم التى أسعدتكم ..
و لكم منى كل الحب..