حمدي رزق
يشير المصطلح أعلاه إلى مفهومين، الأول مجلس الوزراء بكامل أعضائه، والثانى مجلس وزارى مُصغر لشؤون محددة، ودرج استعمال هذا المصطلح بمفهومه الثانى فى إسرائيل، وذاع عالميًّا بعد عملية طوفان الأقصى، التى استخرجت أشباح الكابينت من رقادها.
كانت بداية استعمال هذا المصطلح فعليًّا فى إسرائيل عند التوقيع على اتفاقية الائتلاف الحكومى بين حزبى العمل والليكود فى الثالث عشر من سبتمبر عام ١٩٨٤. آنذاك، تم الاتفاق على تشكيل مجلس وزارى مصغر (كابينت) مؤلف من عشرة أعضاء، خمسة عن كل حزب، وورد فى الاتفاق أن من صلاحيات هذا المجلس معالجة شؤون الأمن فى إسرائيل. وبإمكان هذا الكابينت مناقشة ومعالجة كل قضية يطرحها رئيس الحكومة أو القائم بأعماله.
تفج من الكابينت الإسرائيلى فى طوره المتحور روائح كريهة، ثالوث الكابينت (رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، يوآف غالانت، وثالثهم بينى غانتس)، يظهرون فى ملابسهم السوداء وكأنهم شياطين استيقظوا لتوهم من الجحيم، يتضورون انتقامًا، لم يشبعوا بعد من سفك دماء الفلسطينيين.. جوعى لأشلاء الأطفال الخُدَّج. كلما أطلوا على العالم بوجوههم المحتقنة، وخطابهم الانتقامى، وكأنهم مَرَدَة خرجوا من فوهة بركان مُتّقد، يطلقون حِمَمًا ودخانًا كثيفًا، أقسموا لَيَصْرِمُنَّ غزة مُصْبِحين صباح (نهاية الهدنة) ولا يستثنون منها ديارًا.
الكابينت يقوده نتنياهو، والكابينت يقود إسرائيل إلى الهاوية، حجم الشر والثأر الذى يحمله الثالوث فى صدورهم كافٍ لإحراق العالم بأسره وليس غزة، نصف شر العالم على الأقل فى حوزتهم، يستأثرون به دون أشرار العالم.
نُكبنا بهذا الكابينت النازى، هذا ثالوث شرير بالسليقة، وعملية طوفان الأقصى أخرجت أسوأ ما فى نفوسهم من غل للذين قالوا بالحق الفلسطينى فى الوجود، لا يأبهون لنداءات، صَمُّوا آذانهم عن الصرخات، يتلذذون بمشاهد المقابر الجماعية، لديهم رغبات شريرة فى سحق عظام أطفال غزة.
مر على كابينت الدولة العبرية أشرار كثر، ولكن مثل هذا الثالوث لم يرَ العالم، قبلهم كانوا أشرارًا، الدولة العبرية لا يحكمها سوى الأشرار، لكنهم فى السابق كانوا يتمتعون بالحد الأدنى من اللياقة السياسية، ولغتهم دبلوماسية، ويرتدون أقنعة رجال الدولة.
هذا الثالوث من مجرمى الحرب اجتمعوا تحت وطأة هزيمة مخزية، استخرجت الثالوث الشيطانى من الجحيم، ثالوث تتلبسه روح ثأرية شريرة، يزايدون على شياطينهم علانية لإرضاء قطعان الحاخامات التى تصرخ عليهم بالانتقام، يقدمون لهم «فطيرة دم» من دماء أطفال غزة الساخنة لإحياء طقوسهم التوراتية المعهودة.
ثالوث الكابينت قبلوا الهدنة (الصفقة) على مضض، يتحرقون لمواصلة سفك الدماء، متعطشون للمزيد، ولكن إيه اللى رماك على المر، يلعقون جراحهم، يدارون هزيمتهم، لكنهم يستبطنون ثأرًا مخيفًا يدّخرونه إلى حين.
أربعة أيام فحسب، وستشهد غزة قصفًا لم ترَ له مثيلًا طوال أسابيع مضت على طوفان الأقصى، الثالوث قرر محو غزة من الوجود، وتتكرر على ألسنتهم مفردات الإبادة بكافة تنويعاتها اللفظية، وخلفهم ويزايد عليهم شرًّا ساسة من أصول حاخاماتية يعتمرون الطاقية اليهودية «الكِبة»، يطلبون محق غزة بالقنبلة النووية.
الهدنة المخضبة بالدماء فى التحليل الأخير هزيمة مُذِلّة لأشرار «الكابينت»، الذين لن يقبلوا بالعار الذى يجلل أعناقهم، ولن يفككوا الكابينت إلا بعد نصر يسكن خيالاتهم المريضة يظنونه قريبًا، ونراه بعيدًا عن شوارب ثالوث الكابينت الحليقة.
نقلا عن المصري اليوم