د. وسيم السيسي
اغتالنى اليهود ١٩٩٣، كما اغتالوا دكتورة سميرة موسى، عالِمة الذرة المصرية ١٩٥٢، كما اغتالوا دكتور يحيى المشد، عالِم الذرة المصرى ١٩٨٠. اغتالونى في بيتى، وسميرة موسى في أمريكا، ويحيى المشد في باريس.
وُلدت ١٩٢٨، كنت موهوبًا في الموسيقى ورسم الخرائط، عشقت الجغرافيا، وأعظم كتبى: «شخصية مصر وعبقرية المكان- أربعة أجزاء»، تخرجت في جامعة فؤاد الأول «القاهرة الآن»، عُينت معيدًا، بعثة لجامعة «ريدنج- إنجلترا»، قابلت دكتور أوستن ميللر، حصلت على الدكتوراه، وقعت في حب سكرتيرته فيرنا، رفضت العودة معى إلى مصر، رجعت إلى مصر أستاذًا مساعدًا، بدأ الاضطهاد، ولا ذنب لى سوى العلا والفضائل «المتنبى»، أخروا ترقيتى لأستاذ، قدمت استقالتى، واعتزلت العالم، وأقمت لنفسى محرابًا للعلم، كان فيه هنائى، كما كان فيه فنائى!.
وقد زهدنى في الخلق معرفتى بهم/ وأن العالمين هباء «أبوالعلاء المعرى».
أنا عرَّاف المستقبل السياسى للدول، تنبأت بسقوط الاتحاد السوفيتى 1968، وتحقق ١٩٩١، تنبأت بانفصال أوروبا الغربية عن أمريكا، وهو ما يحدث الآن، تنبأت لأمريكا أنها سوف تصبح عملاقًا سياسيًّا، قزمًا اقتصاديًّا مع يقظة شعبها لما تفعله حكوماتها، وهو ما سيحدث قريبًا إن شاء الله.
تنبأت بما ردده صمويل هنتنجتون في كتابه: صراع الحضارات ١٩٩٩، وأنهم بعد سقوط الاتحاد السوفيتى سوف يخلقون عدوًّا جديدًا هو الإسلام حتى يبتزوا الدول العربية والإسلامية، وهذا ما فعلوه: القاعدة- طالبان- داعش- حماس- ولا تنسوا الإخوان ١٩٢٨م.
في سنة ١٩٦٧ أخرجت كتابًا: اليهود أنثروبولوجيًّا، أثْبَتُّ فيه أن يهود إسرائيل ليسوا بنى إسرائيل، إنما هم أحفاد المملكة الخزرية التي كانت شمال القوقاز، جنوب روسيا، بين البحر الأسود وبحر قزوين، أما بنو إسرائيل فقد اختفوا بعد الشتات لتحولهم إلى عقائد أخرى، واضطهاد الدول الأوروبية لهم مثل إسبانيا وألمانيا. قلت إن إسرائيل دولة دينية أساسها التعصب الدينى، تُعيدنا إلى العصور الوسطى، وإنها كيان استعمارى، وقاعدة عسكرية للدول الاستعمارية، وإن يهود إسرائيل: متحف بيولوجى حى لكل أصلاب العالم!.
وفى سنة ١٩٩٣، سنة رحيلى عن عالمكم، أعلنت عن كتاب تحت النشر اسمه: اليهود، الصهيونية، وبنو إسرائيل، قلت: هذا الكتاب سيغير شكل العالم، إنه قنبلة علمية تاريخية سياسية، كان هذا الكتاب مُوثَّقًا بآلاف المراجع العربية والأجنبية، ويكفى أن تعرفوا أن مصادر كتاب شخصية مصر: ٢٤٥ مصدرًا عربيًّا، ٦٩٠ مصدرًا أجنبيًّا.
في ١٧ إبريل ١٩٩٣، دخل علىَّ خادمى، الذي كان يساعدنى منذ بضعة أشهر، مع اثنين من السكان، الذين كانوا يسكنون فوق شقتى، ضربونى على رأسى، كانت الضربة قاتلة، اكتشفها الطبيب الذي عاين جثتى، ثم أشعلوا النار في نصفى الأسفل لإخفاء جريمتهم، اتضح أن جيرانى كانوا يهودًا، واختفوا تمامًا، كما اختفى خادمى، الذي كان عميلًا لهم، كما اختفى الكتاب، الذي كان سيصبح زلزالًا مدمرًا لإسرائيل، جاء في تقرير الطب الشرعى أن الحروق لا تؤدى إلى الوفاة، كما أن الحريق لم يؤدِّ إلى الاختناق.
لقد قالها أ. محمد حسنين هيكل لأخى عبدالعظيم حمدان: سوف يغتال اليهود أخاك، الشىء الغريب أن الحريق لم يلمس ورقة من مكتبتى، كما أنى لا أشعل النار إلا من أجل الشاى صباحًا، وتعودت على الأكل البارد دون تسخين من إنجلترا.
تركت كلمتى لمصر، التي أحببتها حتى الموت: عليكِ بالقوة أو الانقراض!، عليكِ يا مصر أن تسودى «سيدة» الجميع، ستحارب مصر عسكريًّا في يوم من الأيام، سعيد أنا برئيسكم، بصيرته وبُعد نظره، وربط مصر بالأنفاق الخمسة إلى سيناء، كما طلبت ذلك من قبل.
نقلا عن المصري اليوم