ياسر أيوب
منذ 37 عامًا.. سافر إلى القاهرة 16 شابًا من الزقازيق يقودهم فنيًا مدرس لغة إنجليزية، وإداريًا مدرس رياضيات ليشاركوا في أول بطولة أندية إفريقية للهوكى.. فريق من بسطاء ومجهولين لا يملكون إلا أحلامهم وإصرارهم، ودفع كلٌّ منهم ثمن التريننج الخاص به، واشتروها من المنطقة الحرة في بورسعيد.. لم ترحب بهم القاهرة التي انحازت لاتحاد الشرطة الذي كان النادى المصرى الثانى في البطولة.. وأقاموا في فندق كيميت بالعباسية، ولم تكن الميزانية تتحمل فواتير الطعام في الفندق فكانوا يشترون طعامهم البسيط والضرورى من الشارع.. وكان رئيسا الاتحادين المصرى والإفريقى للهوكى وقتها منحازين لاتحاد الشرطة، سواء بحكم الانتماء للشرطة أو اقتناعًا بأن اتحاد الشرطة هو الفريق الأقوى والأغنى والأحق بالبطولة.. معظم مسؤولى القاهرة رياضيًا وإعلاميًا كانوا ضد أولاد الزقازيق ويسخرون منهم، ويتساءلون: ما الذي جاء بهؤلاء المجهولين من الزقازيق للمشاركة في بطولة قارية كبرى تقام لأول مرة في إفريقيا؟..
ولم يقف مع هؤلاء البسطاء إلا إبراهيم حجازى، الصحفى الكبير في جريدة «الأهرام»، الذي خاض من أجلهم حروبًا عنيفة، ولولاه ما كان سيلعب ثلاثة من أهم لاعبى الفريق في القاهرة تم إيقافهم فجأة قبل البطولة بالظلم والتحايل.. ولم يجد مدرب أولاد الزقازيق إلا أن يصحبهم لسينما التحرير التي كانت تعرض فيلمًا عن فريق لهوكى الجليد فاز رغم أن الجميع كانوا يراهنون وواثقين من خسارته.. أراد أن يقول للاعبيه بشكل غير مباشر إنهم يستطيعون الفوز حتى لو كان الجميع ضدهم.. وإنهم وحدهم الذين يستطيعون في الملعب صنع فرحة حقيقية يستحقونها وليس فقط يحتاجون إليها.. وبدأت البطولة ومبارياتها، ولم يكن يشجعهم إلا إبراهيم حجازى ومحمود الشريف، محافظ الشرقية وقتها، وأهل الزقازيق الذين كانوا يأتون للقاهرة قبل كل مباراة لتشجيع أولادهم في استاد اتحاد الشرطة.. الاستثناء الوحيد كان مباراة هوكى الشرقية أمام نادى الضمان المغربى، التي أقيمت في استاد جامعة الزقازيق.. وبعد الفوز على فليكرز النيجيرى في النهائى.. صعد أولاد الزقازيق للمنصة لتسلم ميدالياتهم وتصفيق وتحية واحترام اللواء زكى بدر، وزير الداخلية وقتها.. وعاد أبناء الزقازيق إلى مدينتهم في 6 فبراير 1986 يحملون كأس بطولتهم الأولى واعتراف القاهرة أخيرًا باستحقاقهم.. وبدأت منذ ذلك اليوم حكاية هوكى الشرقية الذي فاز في مالاوى أمس الأول بالبطولة السابعة والعشرين بأولاد جدد لكن بنفس الروح والإصرار.. تغيرت الأسماء والملامح والظروف وبقى هوكى الشرقية يحلم ويلعب ويفوز لتتوالى الانتصارات الاستثنائية والأرقام القياسية، والتفات العالم لهذا الفريق المصرى الذي فاز ببطولة قارية 27 مرة، وهو ما لم يحققه أي فريق آخر في أي لعبة في العالم.
نقلا عن المصرى اليوم