محرر الأقباط متحدون
في مقابلة أجرتها معه إذاعة الفاتيكان توقف الأب فرنشيسكو باتون حارس الأرض المقدسة عند تبادل الرهائن الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين مؤكدا ضرورة حل القضية الفلسطينية واعتراف الطرفين أحدهما بالآخر وبحقه في الوجود وبمعاناته.

حول الأوضاع في الأرض المقدسة أجرت إذاعة الفاتيكان الأحد ٢٦ نوفمبر مقابلة مع الأب فرنشيسكو باتون حارس الأرض المقدسة وصف في بدايتها إطلاق سراح مجموعة من الرهائن الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين ببارقة نور. وذكَّر في حديثه بأن هذه الخطوات هي نتاج مفاوضات، ما يعني أن التفاوض ممكن. وأضاف أن المسيرة التي أدت إلى وقف إطلاق النار والتبادل بين الإسرائيليين والفلسطينيين تشير من جهة أخرى إلى أهمية الجماعة الدولية. أكد حارس الأرض المقدسة بالتالي أن ما يحدث يشير إلى أنه من الممكن السير على درب مختلف عن درب السلاح وذلك إن توفرت النوايا. هذا ويرى الأب فرنشيسكو باتون أن الحل ليس ببساطة إطلاق سراح الرهائن والسجناء، بل يجب قبل كل شيء أن يكون حلا سياسيا. وقال في هذا السياق إنه من الضروري بلوغ قبول بحق إسرائيل وفلسطين في الوجود.

ومن النقاط الأخرى التي أراد حارس الأرض المقدسة التشديد عليها كون الجانب الإنساني هو الأساسي في مشهد مأساوي مثل ذلك الذي يمزق الشرق الأوسط، وتحدث في هذا السياق تحديدا عن الضمير الإنساني القادر على إبراز القيمة التي لا يمكن مقارنتها لكل شخص بشري حسبما ذكر. وواصل أنه بدون تعزية الصوت الإنساني لا يمكن السير قدما، حيث يُختزل كل شيء إلى حسابات وتوازن مصالح واستخدام العنف.

وعن دور المسيحيين قال الأب فرنشيسكو باتون إنهم في الأرض المقدسة يمثلون بشكل ما الضمير، كما وأشار إلى كونهم جسرا بين واقعَين وذلك لأنهم ينتمون إلى كليهما، فهناك مسيحيو الأرض المقدسة في إسرائيل وفي غزة وفي الأردن، قال حارس الأرض المقدسة، ويمكنهم بالتالي أن يقوموا بدور قد يكون محدودا لكنه يتمتع بأهمية. وواصل أن الأرض المقدسة في حاجة إلى نور، إلى خميرة تُنَمي صوت الضمير سواء في المجتمع الإسرائيلي أو المجتمع الفلسطيني، حيث هناك حاجة إلى أصوات قوية قادرة على اقتراح مسيرة مصالحة لا فقط اعتدال، وأضاف أن هذا ينطبق على الجانبين.

نقطة أخرى لفت إليها حارس الأرض المقدسة الأنظار هي صعوبة الحديث عن مصالحة بدون تجاوز تأثر المشاعر الذي تغذيه مآسي الحرب، ولكن حين سيكون البعد العاطفي أقل حدة سيكون من الممكن التفكير بأشكال أخرى. ولكن يظل الشيء الهام، حسبما تابع الأب فرنشيسكو باتون، الحفاظ على وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن واحترام السكان المدنيين في غزة، وأن تسمح فترة صمت السلاح هذه لأطراف مؤثرة دولية بمواصلة العمل. وتابع حارس الأرض المقدسة معربا عن الرجاء أن يتحول وقف إطلاق النار إلى هدنة وصولا في أسرع وقت ممكن إلى حماية دولية لضمان الأمن. ويجب من جهة أخرى تعزيز وساطة دولية من أجل التوصل إلى حل سياسي، وإلا فسيتكرر هذا الوضع في المستقبل، قال الأب باتون.

وواصلت المقابلة فتحدث الأب الفرنسيسكاني عن أن هاوية الحرب قد كشفت مرة أخرى مشكلة الشرق الأوسط الأساسية، أي عدم التوصل إلى حل سياسي للقضية الفلسطينية المتواصلة على مر عقود من الزمن. وأوضح في هذا السياق أن القضية الفلسطينية ترتبط بتلك الإسرائيلية، وكرر بالتالي ضرورة بلوغ اعتراف متبادَل بحق الآخر في الوجود، كما وشدد على ضرورة أخذ بعين الاعتبار أننا نتحدث عن شعبين عانيا كثيرا عبر التاريخ. وأضاف حارس الأرض المقدسة أن هذا المخزون الكبير والمأساوي يُفترض أن يقود الإسرائيليين والفلسطينيين إلى اعتراف متبادل بالمعاناة. وذكَّر الأب باتون في هذا السياق بما قالت ممثلة عائلات الرهائن الإسرائيلية إلى جريدة أوسيرفاتوري رومانو الفاتيكانية حين تحدثت عن ضرورة "أن نتعلم نحن الاعتراف بمعاناتهم وأن يتعلموا هم الاعتراف بمعاناتنا" حسبما ذكرت.

وفي ختام المقابلة التي أجرتها معه إذاعة الفاتيكان قال الأب فرنشيسكو باتون حارس الأرض المقدسة إنه لا يعلم إن كان الحل الملموس هو حل الدولتين أو شيئا لآخر، ولكن يجب بدون شك الاعتراف بحق الشعبين في الوجود، ويجب أن يكون هناك من الجانبين اعتراف بالآخر وبحقه في الوجود وبمعاناته، هذا إلى جانب ضرورة الاعتراف بكرامة معاناة الآخر، وأضاف أن تركيز كل طرف على معاناته فقط سيؤدي في المقابل إلى مزيد من التشدد. وأراد حارس الأرض المقدسة في الختام التشديد على حاجة الطرفين، وكي يتمكنا من التحاور، إلى دعم خارجي من قِبل المجتمع الدولي، إلا أن هذا يجب أن يحدث من خلال مسيرة مرافَقة تدريجية مرورا بمرحلة انتقالية. كما وأكد الأب باتون الحاجة الضرورية إلى تغير عميق في موقف طرف سياسي إسرائيلي، ويجب أن يكون هناك أيضا اختلاف في المقاربة من قِبل الجانب الفلسطيني.