وسط تحذيرات علماء الجيولوجيا والبيئة من زلازل وبراكين قد تضرب منطقة البحر المتوسط، تنعقد آمال على أن تخرج قمة المناخ العالمية (COP28) التي تستضيفها دولة الإمارات العربية، بحلول تصدّ عن العالم هذه المخاطر الناجمة عن التغيّر المتسارِع للمناخ.
ويتحدّث عالم جيولوجي لموقع "سكاي نيوز عربية" عن توقّعاته لما ينتظر منطقة البحر المتوسط في مدى غير بعيد، مِن تغيّرات أخرى في المناخ، وما وصفها بـ"ثورة بيئية"، وما يقترحه من حل للوقاية منها.
وتنعقد قمة المناخ (COP28) في الإمارات خلال الفترة من 30 نوفمبر - 12 ديسمبر هذا العام، وتهدف لتسريع خفض الانبعاثات الحرارية الضارّة بالمناخ قبل عام 2030، وتسريع الانتقال للطاقة المتجدّدة، ووضع تمويل مكافحة تغيّر المناخ حيّز التنفيذ بشكل أكثر فعالية.
وفي نهاية أكتوبر الماضي، أكد سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدّمة الإماراتي، رئيس مؤتمر (COP28)، أن رئاسة المؤتمر تركّز على تحقيق نتائج ملموسة ونقلة نوعية في العمل المناخي، عبر تعزيز الشراكات البنّاءة وتوحيد الجهود وتكريس التوافُق.
وشهدت منطقة حوض البحر المتوسط العام الجاري، سلسلة قاسية من الأعاصير والفيضانات والزلازل المدمّرة، منها إعصار "دانيال" الذي ضرب اليونان ثم شمال ليبيا، وزلزال المغرب، وحدثا في شهر واحد هو سبتمبر الماضي، وخلَّفا آلاف القتلى والجرحى.
"ثورة بيئية"
يتوقّع أستاذ الجيولوجيا والبيئة والتغيّرات المناخية أحمد ملاعبة انفجار ما وصفها "بثورة بيئية وجيولوجية" في البحر المتوسّط نتيجة تغيّر المناخ.
وعن مؤشّرات هذه "الثورة" بتعبيره، يقول:
زيادة الاحترار العالمي في الغلاف الجوي، وارتفاع حرارة الماء في البحر، مع وجود حركة تكتونية بسبب تيارات الحمل الحرارية في غلاف "الاستينوسفير" على عمق 100 كم تحت الغلاف الصخري "الليثوسفير".
درجة حرارة مياه البحر المتوسط وصلت إلى أكثر من 15 درجة مئوية، ومن النادر تكوين أعاصير في مثل درجات الحرارة هذه، ورغم بدء فصل الخريف نظريا فإن الأجواء لا تزال حارة.
تكتونيا، ما زالت الصفيحة الإفريقية مستمرة بالتصادم مع الصفيحة الأوراسية، والهزات لا تهدأ، وهنا خوف من حدوث زلزال مدمّر في اليونان ودول شمال المتوسط.
تم تسجيل نشاط حديث لـ3 براكين في البحر الأيوني؛ وهو ما ينذر بانفجارات بركانية قريبة وسط البحر تحت الماء، قد تسبّب موجات تسونامي مدمّرة للدول الـ11 المشاطئة.
من الحلول، العمل على خفض الغازات الدفيئة في الجو، مثل ثاني أوكسيد الكربون وغاز الميثان.
تضاعُف احتمالات الكوارث
في تقرير صدر في سبتمبر الماضي، حول دراسة أجرتها مبادرة "وورلد ويذر أتريبيوشن"، عن فيضانات إسبانيا واليونان وتركيا وبلغاريا وليبيا، الناتجة عن أمطار غزيرة للغاية، جاء أن "تغيّر المناخ الناجم عن النشاط البشري زاد من احتمال وقوع مثل تلك الأحداث 10 مرات، ورفع شدتها بنسبة تصل إلى 40 بالمئة في المنطقة، بما في ذلك اليونان وأجزاء من بلغاريا وتركيا".
ولفتت إلى أن حدوث إعصار متطرّف مثل الذي لوحظ في ليبيا، أكثر احتمالا بما يصل إلى 50 مرة وأشد بنسبة تصل إلى 50 بالمئة، مقارنةً بمناخ أكثر برودة بمقدار 1.2 درجة مئوية، وفق الدراسة.
وتيرة أسرع
مِن ناحيته، تحدّث تقرير التقييم المتوسطي، عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة "يونيب" تحت عنوان "التغيّر المناخي والبيئي في حوض المتوسط.. الوضع الراهن والمخاطر المستقبلية"، قبل أكثر من عامين، عن أن تغيّر المناخ في حوض المتوسط يحصل بوتيرة أسرع من الاتجاهات العالمية.
وتفصيلا، قال إن المعدل السنوي الحالي لدرجات الحرارة في البر والبحر في حوض المتوسط أعلى بمقدار 1.5 درجة مئوية مما كان عليه الحال في عصور ما قبل النهضة الصناعية، وقد يرتفع بمقدار 3.8 إلى 6.5 درجة مئوية بنهاية هذا القرن، ما لم تتخذ إجراءات جدية للحدّ من تغير المناخ.
وينوّه التقرير، الذي أعدته الشبكة المستقلة لخبراء البحر المتوسط حول التغيّر المناخي والبيئي، بأنه من المرجّح أن ترتفع درجة حرارة البحر في المناطق العميقة من البحر المتوسط أكثر مما ترتفع في بحار العالم الأخرى ومحيطاته، كما سيؤدي ارتفاع تركيز ثاني أوكسيد الكربون إلى زيادة حموضة مياه المتوسط السطحية.
وفيما كان ارتفاع منسوب البحر بمقدار 6 سنتيمترات في السنوات العشرين الأخيرة، من المرجّح أن تصل الزيادة إلى المتر إذا تسارع ذوبان الجليد القطبي الجنوبي.