الأب رفيق جريش
لعل أحداث السابع من أكتوبر تكون قد كشفت الوجه الحقيقى لإسرائيل وقادتها ورئيس وزرائها نتنياهو وسياستهم تجاه الفلسطينيين ودول المنطقة، والتى تتلخص في الآتى:
أولًا: حاولت إسرائيل إيهام العالم كله بأنها تحارب «حماس»، المنظمة الإرهابية، ودكّت البيوت، وقتلت الأطفال والنساء، وجرفت الأراضى تحت هذه الحجة، ولكن ماذا عما يجرى في الضفة الغربية، حيث اعتقال 3200 فلسطينى، وقتل 300 أثناء الحرب على غزة، وهدم البيوت، وترويع السكان، الذين لا حول لهم ولا قوة؟!.
ثانيًا: إيهام العالم الغربى والأمريكى بأن إسرائيل هي امتداد للحضارة الغربية المتحضرة والمتقدمة وواحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وأن إسرائيل تقاتل نيابة عن الغرب أمام الرجعية والتخلف والإرهاب في المنطقة، ولولا إسرائيل لكان الإرهاب والجهل قد وصلا إلى أبواب بيوتهم، وهذا ما يزعمه نتنياهو وأبواقه الإعلامية من خلال خطاباته، خاصة للأمريكيين والغربيين، ولذا حظى بتأييد تلك الدول واستغلال نغمة الدين في الحرب، والإيهام بأنها حرب إسلامية إرهابية ضد إسرائيل اليهودية، وكثيرون بلعوا الطعم.
ثالثًا: إسرائيل حاولت تجاوز القضية الفلسطينية والمبادرة العربية للسلام، التي كانت تطمح أن يقود هذا السلام مع الفلسطينيين إلى سلام مع العالم العربى والإسلامى، فحاول نتنياهو التجاوز، وقلب المعادلة بأن السلام مع العالم العربى أولًا من خلال عدة محاور، منها الاتفاق الإبراهيمى، الذي سيقود إلى سلام مع الفلسطينيين، وبذلك إذا نفذت هذه السياسة فسيصبح الفلسطينى وحيدًا وضعيفًا، فيُفرض عليه ما يريدون من حلول، ويتم استرضاؤه ببعض المناطق للحكم الذاتى، منها الضفة الغربية وقطاع غزة، (وغيرها من المشروعات من هذا القبيل)، وبذلك يتجاوز الفلسطينيون القضية برمتها.
رابعًا: الإيهام بأن إسرائيل شريكة في العالم العربى، وتكون جبهة ضد الخطر الإيرانى وامتداداته، وخلق عدو مشترك مع نفوذها وأطماعها، وكان هذا للأسف يجد آذانًا صاغية في الدول الغربية وبعض الدول العربية، خاصة بعد تصميم الإدارة الأمريكية على إحياء مبادرة الاتفاق النووى مع إيران.
هذه السياسات ظهرت في معركة إسرائيل بغزة- بغض النظر عمّن هم مع أو ضد حماس- لأنه تبين أنه لا يمكن تجاوز الفلسطينيين، ولا يمكن أن يكون التطبيع بديلًا عن الإقرار بحقوق الفلسطينيين أو إنهاء القضية الفلسطينية، وتبين لكثير من الدول والشعوب أن الخطر الأكبر هو النظام المتوحش الإجرامى، الذي زُرع في منطقتنا، وهو الكيان الصهيونى، الذي جرَّ الغرب نحوه، ولكن شعوب العالم بأسره استفاقت من سباتها، وتعلن وتضغط على حكوماتها لرفض هذا التوحش والعربدة الإسرائيلية.
فهى خطر على أي دولة في المنطقة لأنها مُحمَّلة بقدر كبير من الكراهية وانعدام الإنسانية والتمرد على القوانين الدولية وعدم الاحتكام إليها، وفى ذات الوقت تحظى بالتأييد الأمريكى سياسيًّا وماليًّا وعسكريًّا، لذا، لا بديل إلا الرجوع إلى المبادرة العربية وإحلال السلام وحل الدولتين، إن أرادت إسرائيل أن تنعم ببعض السلام في هذه المنطقة، وتكون جارة محترمة لدولة فلسطين الناشئة.
نقلا عن المصرى اليوم