حمدي رزق
في رائعته الفريدة «مجنون ليلى»، كتب طيب الذكر أحمد شوقى بيت شعر بليغ نصه:
«امضِ قيسُ.. امضِ جئتَ تطلبُ نارًا
أم تُرى جئتَ تُشعل البيت نارًا؟»
وبتصرف تفرضه الحرب مجددًا على غزة:
«امضِ بلينكن.. امضِ جئتَ تطلبُ نارًا
أم تُرى جئتَ تُشعل البيت نارًا؟»
يتأبط شرًّا، جاء إلى المنطقة لا ليطلب هدنة مستدامة، ويوقف الحرب، قطعيًّا جاء ليشعلها نارًا، كلما ظهر «أنتونى بلينكن» وزير الخارجية الأمريكى، في الصورة، تحسست رأسى، هذا دبلوماسى يرتدى بزة جنرال، تحت البدلة الشيك، تحت الجلد لباس حرب مرقط كالنمر.
مشاركة وزير الخارجية الأمريكى، أنتونى بلينكن، مساء الخميس الماضى، في اجتماع مجلس الوزراء الحربى بإسرائيل «كابينِت»، طبيعية، يعتبرونه في تل أبيب عضوًا فاعلًا في مجلس الحرب الإسرائيلى، حضوره بمثابة ضوء أخضر لاستئناف الحرب على غزة.
لسان حاله، لا مانع من العملية البرية للجيش الإسرائيلى في جنوب قطاع غزة فقط يجب أن تتم بطريقة «لا تتسبب في نزوح جماعى للسكان».. والعهدة على قناة «الحرة»، الناطقة بلسان الإدارة الأمريكية.
بلينكن، يطلبها عملية خاطفة سريعة، يوجه قادة الحرب كجنرال في البنتاجون: «لا أعتقد أن أمامكم عدة أشهر»، ردًّا على حديث وزير الدفاع الإسرائيلى «يوآف غالانت»، بأن «العملية البرية ستستغرق عدة أشهر».
بلينكن لا يمانع في عملية اجتياح القطاع مطلقًا، يحبذها تمامًا، فقط يريدها عملية خاطفة تخطف الأنظار بعيدًا عن صور الضحايا المدنيين، ضربة سريعة قبل أن يستيقظ الضمير العالمى مجددًا مناهضًا للمجازر الإسرائيلية المريعة في القطاع المنكوب.
وزير الخارجية الأمريكى بلينكن حدد موقف الإدارة الأمريكية بأن العملية البرية المتوقعة للجيش الإسرائيلى في جنوب قطاع غزة يجب أن تتم بطريقة لا تتسبب في نزوح جماعى للسكان، مع تحديد مناطق آمنة وسط وجنوب القطاع، وذرًّا للرماد في العيون السماح بإدخال المساعدات إلى القطاع حتى لا تتجسد المأساة مجددًا، وتخسر الإدارة شعبيتها في الأوساط الأمريكية وحول العالم.
قبل وصوله إلى تل أبيب، هبطت طائرات المساعدات الأمريكية في العريش المصرية، ماذا تفيد المساعدات الطبية، المساعدات للأحياء، وغزة تموت.
«نتنياهو» يستبطن شرًّا، قال لبينكن: «لقد تعهدت وأقسمت بالقضاء على حماس. ولا شىء سوف يوقفنا». يقصد دحر غزة وإعادتها إلى العصر الحجرى، حجر تحته بشر مقبورون.
بلينكن جاء يجدد العهد، دعم الولايات المتحدة «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد العنف الإرهابى في إطار احترام القانون الإنسانى الدولى».. فقط «اتخاذ جميع التدابير الممكنة لمنع تضرر المدنيين».
خلاصة مداخلة بلينكن في اجتماع «الكابينِت»: «الخسارة الهائلة لحياة المدنيين والنزوح بالحجم الذي رأيناه في شمال غزة يجب ألا يتكررا في الجنوب».
لسان حاله: الإدارة الأمريكية تريدها عملية سريعة نظيفة، اقتلوهم، ولكن بِرَوِيّة، اذبحوهم بالراحة، اقبروهم بهدوء، القصف دون ضجيج، كواتم الصوت ضرورة، أنجزوا المهمة بذكاء، القصف المفرط ليس مطلوبًا، صوبوا جيدًا، دعكم من المستشفيات والمدارس، اطحنوا عظامهم في البيوت والملاجئ، لا تتحدثوا كثيرًا، لا تهددوا ولا تتوعدوا.. افعلوها سريعًا، خلصونا من هذه الورطة، لماذا أنتم متأخرون هكذا؟!.
نقلا عن المصري اليوم