Oliver كتبها
انا (شاموه)  أى الرجل الذى أنقذه الله.هل تعلم لماذا أسمونى هكذا ؟ لأن البخور قتلت عمى قبل ولادتى بساعات و كان أهلى يترجون الله ألا أموت مثل عمى..تسألنى كيف تقتل البخور؟ سأحكى لك
نحن عائلة أبتيناس من سبط لاوى.نحن اللاويون المسئولون عن  صنع البخور فى الهيكل.تاريخنا فى التلمود مزدهر.لسنا الشعب الوحيد الذى صنع البخور.كل الأمم حولنا تصنعه من أجل معابدها و تبقيه كثيراً للتخلص من روائح بقايا الذبائح التى تقدمها.أما نحن فلم يكن بخورنا هكذا لكنه لأجل الله إلهنا نصنعه و نقدسه.لأجل الله يرفعه رئيس كهنتنا  و يقدسنا.لم يكن البخور عندنا للتعطر.
 
تعلمت أن أجمع الأربعة عشر مكونات البخور .أبى و أعمامى وأخوتى يتجمعون لصناعته .تشم رائحة البلسم و التوابل فى بيوت عائلة أبتيناس من بعيد. كنا نصنع البخور من شجر البلسم  و نسميه الظفر خر30: 34 و أشجار الصمغ و كذلك بعض النباتات المائية العطرة.بعضها نجلبه من بلاد ما بين النهرين.إر 6: 20 كانت التوابل و البهارات تمثل بقية مكونات البخور الأربعة عشر.
 
كانت تأتينا كميات كبيرة من مكونات البخور لنصنعها.هذه ثروة كبيرة. فإذا فاض إنتاجه  الثمين كنا نضعه قرب خزانة اليهكل ليدفعوا منه أجور عمال المجامع بدل الشواقل.. 
 
منذ مات عمى صرنا نخشى البخور الذى نصنعه.نشمه رغم أنوفنا خائفين مضطرين.ذلك لأن عمى كان يصنع البخور ليشمه فلما إفتضح أمره نال جزاء القطع حسب الشريعة (الطرد النهائى من شعب الله)  و مات فى طريق عودته من  المجمع.قتله البخور. القطع هو عقاب من يصنع البخور ليشمه لأنه مقدس للرب. خر30: 37و38.لذلك كنا نطلب كل يوم من زوجاتنا ثيابا مغسولة لئلا يكون البخور قد إنسكب على ثياب الأمس فيحسب علينا أننا نتعطر به و نموت.لأنه قدس للرب وحده. هو كالمحرقة لا يحل لأحد.فلم يجرؤ أحد على حرق البخور المقدس سوى الكهنة.
 
كنا نسمى البخور العادى اللبان و كنا نميز البخور النقي بإسم الدخان الأبيض و هذا البخور النقى هو ما نجهزه للكاهن كي يضعه فوق خبز التقدمة لا24: 7. كان البخور يخلق عموداً من السحاب الأبيض كالذى صاحب الشعب فى البرية.كنا نردد أن البخور هو الصلاة التى تحضرنا إلى الحضور الإلهى.
 
هذا هو البخور المقدس. نخزنه خلف خزانة الهيكل.و رغم أننى أشترك فى صنعه مع عائلتى إلا أنى كنت أخشى أن أحمله .تحججت اليوم بأنى سأذهب لإستحضار أحد الكهنة المسنين من بيته ليرفع البخور.ذهبت إلي زكريا الكاهن  ليتوكأ على ذراعى.كان الشيخ متعباً و فى عينيه وميض لا أعرفه.
 
تركته قرب أركان الهيكل و عدوت نحو مذبح المحرقة لأستجلب فحماً مشتعلاً من هناك كى يضعه زكريا الكاهن فى المجمرة.الرابيون قالوا لنا أن المسيا سيكون المحرقة و سيكون البخور أيضاً.
 
زكريا كان كاهناً تقياً.كلنا نعرفه.لم يكن يطلب لنفسه شيئا.كنا نسميه الكاهن الشبعان.
عدت و فى يدى وعاء الفحم المتقد من مذبح المحرقة.أخذ زكريا الكاهن بعضاً منه و هو يتمتم بصلاة لم أسمعها.لكننى سمعته يكرر شداى أدوناى فعلمت أنه يصلى فلم أقاطعه.ذهبت به قرب مذبح البخور .دخل وحده نحو الحجاب عند مكان تابوت العهد المفقود منذ خمسمائة عاما. إنتظرت خارجاً كى أستصحبه ليعود إلى بيته بعدما يقدم البخور.لم يكن تقديم البخور يستغرق وقتاً طويلاً.خاصة و زكريا الكاهن كان  متهيئاً قادماً بملابس الكهنة .سوف يتلو صلاة البخور و هى من بضع سطور و يخرج.
 
إنتظرت مع بضع أفراد مواظبين على صلاة البخور.تباطأ زكريا جداً.لم يحدث أن إستغرق رفع البخور وقتا طويلاً من قبل.لم أتجرأ على الإقتراب من الحجاب.فناديت بعلو الصوت يا كاهن العلى يا كاهن العلى.لم يرد زكريا الكاهن.خشيت أن يكون قد مات قدام الحجاب.شاركنى بعض الحضور فى النداء عليه.لكننى إطمئنيت حين بدأت أسمع مجدداً صلصلة أجراس المجمرة.إذن هو لم يمت قدام الحجاب.
 
أرهقنا الإنتظار و أرهقنا أكثر منه معرفة سر هذا التباطؤ.إقتربت خشخشة المجمرة من أسماعنا فعلمنا أنه خارج نحونا.كنت أتوقعه منهكاً أو يكاد يموت لكنه خرج بشوشاً منير الوجه.فى ثيابه رائحة بخور غير التى نصنعها.أنا أعرف جيداً البخور الذى نصنعه.هذه ليست رائحته.
 
سألته ماذا يا أبى.ماذا حدث.لم يرد.كان يشير فقط.أشار لى بأن أعيده .تملكتنى مخافة الله.ما أن وضع ذراعه على ذراعى إلا و إنتشرت فى ثيابى رائحة بخور زكريا الكاهن.ليست بخور عائلة أبتيناس.إلتف الناس و حاوطوا زكريا بالأسئلة.لم يجب و لم ينطق فعرفنا أنه رأى رؤيا.أو لعله ما زال داخل الرؤيا لا يسمعنا و لا يرانا.
 
أوصلته بيته و عدت و أنا لا أفهم شيئاً.رائحة بخور زكية تفوح من ثيابى.تثير أسئلة بيتى بأكمله.لم أجد تفسيراً لها.يبدو أن هناك من يصنع بخوراً أفضل من عائلة أبتيناس.سابحث عن سر الرائحة الزكية .
ذهبت إلى بيت زكريا الكاهن.فتحت لى زوجته أليصابات.كانت منيرة مثل زوجها.بشوشة و لم تعد علامات شيخوختها واضحة.جلست هناك قليلا بجوار صمت الكاهن.سأنتظر لعله يتكلم سريعاً.