ياسر أيوب
في 1891.. اكتشف الإنجليز أن كرة القدم ليست لعبة السادة المهذبين كما كانوا يعتقدون.. ولم يعد ممكنا أن يبقى الأمر متروكا للاعبين أنفسهم ليعترفوا بأخطائهم دون كذب أو خداع.. وأنها تحتاج لرجل في الملعب يقوم بدور قاضٍ يملك سلطة القرار والعقاب.. وتم تغيير قانون اللعبة واختراع وظيفة حكم كرة القدم الذي هو السيد صاحب الأمر في كل ملعب ومباراة.
ولم يكن الجميع سعداء بذلك في البداية لأن كرة القدم بعد هذا التغيير لن تبقى هي اللعبة التي عرفوها وأحبوها واعتادوا عليها.. واعتادت كرة القدم هذه الثورة التي تكررت كلما كان هناك تعديل أو تغيير في قانون اللعبة ونظامها.. سواء ضربات حرة أو جزاء أو رمية ركنية أو تسلل أو عقوبات الإنذار والطرد.. وهى نفس الثورة التي تشهدها كرة القدم الآن بعد موافقة المجلس الدولى لكرة القدم كجهة وحيدة في العالم تملك حق تغيير قوانين اللعبة على استحداث عقوبة الطرد المؤقت.
فبعد الإنذار والطرد النهائى ستكون هناك عقوبة جديدة هي طرد اللاعب لمدة عشر دقائق يعود بعدها لمواصلة اللعب.. وأكد المعترضون على هذه العقوبة الجديدة أن كرة القدم لا تحتاج إليها، وأن من يقومون بمثل هذه التغييرات هم الذين يفسدون اللعبة وينتقصون من جمالها وجاذبيتها وشعبيتها أيضا.. وكل من يقرأ تاريخ كرة القدم سيعرف أن كل ما يقال الآن عن الطرد المؤقت سبق أن قيل عن كل تغيير أو تعديل.
فكرة القدم مثل الحياة التي تفيض بمن يرفضون أي تغيير عما اعتادوا عليه ويخافون من أي جديد حتى لو كان ضروريا وجميلا.. ففى البداية رفضوا أن يكون هناك حكم في الملعب.. ورفضوا التسلل وضربات الجزاء والإنذار والطرد.. وكلما تم تطبيق تغيير جديد يصبح بمرور الوقت عاديا ومقبولا ومهما أيضا.. ومثلما يسخر البعض الآن من البطاقة الجديدة التي سيشهرها الحكم لمن ينبغى طرده من الملعب لمدة عشر دقائق.
كانت هناك نفس السخرية حين اقترح الحكم الإنجليزى كين آستون، بعد مباراة إنجلترا والأرجنتين في مونديال 1966، أن يستخدم الحكام بطاقات صفراء وحمراء ليعرف الجمهور اللاعبين الذين تم إنذارهم أو طردهم.. فبعد تلك المباراة كان هناك جدل طويل وتساؤل: هل قام الحكم بإنذار النجم الإنجليزى جاك شارلتون أم لا؟.. ولأن كين أستون كان رئيس لجنة الحكام بالمونديال فقد ظل مشغولا بهذا الجدل أثناء عودته إلى بيته.
وانتبه أثناء الزحام إلى إشارات المرور وبمساعدة زوجته هيلدا ابتكرت البطاقات الصفراء والحمراء.. ورغم السخرية وقتها باتت هذه البطاقات واقعا وإحدى حقائق كرة القدم منذ مونديال المكسيك 1970.
نقلا عن المصرى اليوم