كتب - محرر الاقباط متحدون 

قال نيافة الأنبا نيقولا أنطونيو، مطران طنطا للروم الأرثوذكس، والمتحدث باسم الكنيسة في مصر :" في يوم 4 ديسمبر تحتفل كنيستنا بعيد قديسِيَن عظيمَيّن هما القديسة بربارة والقديس يوحنا الدمشقي.
 
مضيفا عبر صفحته الرسمية على فيسبوك :" عن القديس يوحنا الدمشقي وأيقونة العذراء ذات الثلاثة أيدي ، ارتبطت هذه الأيقونة بسيرة حياة القديس يوحنا الدمشقي. تعود هذه الأيقونة إلى القرن الثامن الميلادي عندما استلم الحكم في القسطنطينية الملك لاون الإيصوري (717-741م) الذي باشرت حملة واسعة لتحطيم الأيقونات المقدسة، فأمر برفعها من الكنائس وأخذ يضطهد المؤمنين المستقيمي الرأي الذين كانوا يؤدّون الإكرام الواجب لهذه الأيقونات.
 
يومذاك هبّ القديس يوحنا وهو في مدينة دمشق عاصمة الدولة الأموية، مدافعاً عن الأيقونات وإكرامها وحضّ على المجاهرة بهرطقة الإمبراطور وقطعه، وكان حينئذٍ علمانياً، اسمه المنصور بن سرجون، يشغل منصب وزير الخزينة لدى الدولة الأموية على عهد الخليفة  عمر بن عبد العزيز.
 
ولما وصل الخبر إلى الملك كاره الأيقونات، أراد أن ينتقم من القديس يوحنا فلجأ إلى الغش والخداع. فدعى إليه بعض الخطاطين ليقلدوا خط القديس برسالة مزورة ملفّقة وكأنها على لسان القديس موجهة للملك لاون، وفيها يعرب للملك بأنه مستعد للتعاون معه ضد الخليفة الأموي وأن يسلم له مدينة دمشق. وبعد ذلك أرسل الملك لاون إلى الخليفة الأموي الرسالة المزورة مع رسالة أخرى يكشف فيها خداع وخيانة المنصور له.
 
فلما اطّلع الخليفة عمر بن عبد العزيز على الرسالتين استبدّ به الغضب الشديد وأرسل في طلب يوحنا وواجهه بهم، فدافع قديسنا عن نفسه، ولكن دون جدوى، فأمر الخليفة السيّاف بقطع كف يد القديس اليمنى وتعليقها في ساحة المدينة العامة. 
 
عند المساء أرسل يوحنا إلى الخليفة طالباً منه أن يهبه يده المقطوعة. فأذن له الخليفة بأخذها. أخذ القديس يوحنا كفه المقطوع وعاد إلى بيته وارتمى عند إيقونة لوالدة الإله. ووضع كفه على الأيقونة وارتمى أمامها مصلياً بخشوع كي يكشف الله براءته من هذه التهمة، وضارعًا بدموع غزيرة لوالدة الإله أن تردّها له سالمة إلى أن تعب. وفيما هو مستغرق في صلاته غفَى، وإذا بوالدة الإله تتراءى له في الحلم وإذا بالسيدة العذراء تظهر له في الحلم قائلة: "قد شفيت يدك التي ستكون قلم كاتب سريع الكتابة". وأخذت اليد عن الأيقونة ووضعتها مكانها، فعادت كما كانت، فاستيقظ القديس معافى اليد وأخذ يصلي شاكراً الله وأمه الفائقة القداسة. وللشهادة على قطع يده بقي موضع القطع كالخيط الأحمر.
 
ويقال أنه بعد نهوضه من النوم أنشد في الحال ترنيمة "إن البرايا بأسرها تفرح بك يا ممتلئة نعمة".
 
وتعبيرا عن شكره لوالدة الإله أضاف إلى أيقونة العذراء التي لديه اليد الثالثة أسفل الأيقونة (كما يظهر في الأيقونة المرفقة)، والتي تشير إلى يده التي عادتها العذراء له. 
 
إثر الأعجوبة، كما ورد في التراث، حاول الخليفة استعادة يوحنا ووعده بإكرامات جزيلة، لكن قديسنا كان قد زهد في الدنيا وتشوّف إلى الحياة الملائكية. وترك دمشق ووجّها طرفهما ناحية دير البار سابا المتقدس، بعدما وزّع أمواله على الفقراء والمحتاجين، ولم يأخذ معه سوى هذه الأيقونة المقدسة. 
 
بعد سنوات من حياة القدّيس يوحنا الديرية، ثبت خلالها في الاتضاع والطاعة، استدعاه بطريرك أورشليم وسامه كاهناً رغم تمنّعه. فلما عاد إلى الدير زاد على نسكه نسكاً. أمضى القديس يوحنا ثلاثين سنة من عمره في الدير، وكان رقاده بسلام في الرب بين العامين 749 و 750م. 
 
أعلن المجمع السابع المقدس (787‏م) قداسة يوحنا واعتبره "بطل الحقيقة".
 
بقيت هذه الأيقونة في دير القديس سابا من منتصف القرن الثامن حتى القرن الثالث عشر ثم انتقلت إلى خيلا ندار (فم الأسد) في جبل آثوس. في بدء القرن السابع عشر توفي رئيس الدير فاجتمع الرهبان لينتخبوا خليفة له. فاختلفوا فيما بينهم وحصل اضطراب وانشقاق. وفي أحد الأيام أثناء صلاة السحر رأوا الأيقونة على كرسي الرئيس في وسط الكنيسة فأرجعوها إلى الهيكل ظانين بأن خدام الكنيسة هم الذين وضعوها. ولكن هذه الحادثة تكررت مرات عدة، إلى أن ظهرت السيدة العذراء لأحد النساك وقالت له: "من اليوم أنا سأكون رئيسة للدير كي لا يحصل فيما بينكم الشقاق والخصام بسبب انتخاب رئيس جديد".
 
ومن ذلك الحين إلى اليوم لا تزال الأيقونة قائمة على مقام الرئاسة وسط الكنيسة. ولا ينتخب رئيس لهذا الدير، وإنما يسوسه ويدبر أعماله كاهن راهب في وظيفة وكيل.
 
طروبارية أولى للقديس يوحنا الدمشقي (باللحن الثامن):
"ظهرتَ أيها اللاهج بالله يوحنا، مرشداً إلى الإيمان المستقيم، ومعلّماً لحسن العبادة والنقاوة، يا كوكبَ المسكونة، وجمال رؤساء الكهنة الحكيم، وبتعاليمكَ أنرتَ الكل، يا معزفة الروح، فتشفعْ إلى المسيح الإله أن يخلص نفوسنا".
 
طروبارية ثانية للقديس يوحنا الدمشقي (باللحن الثامن):
"هلموا نمتدح البلبلّ الغرّيد، الشجي النغم، الذي أطرب كنيسةَ المسيح وأبهجها بأناشيده الحسنةِ الإيقاع الطلية أعني به يوحنا الدمشقي الكلي الحكمة، زعيم ناظمي التسابيح الذي كان مملوءاً حكمةً إلهية وعالمية".