القمص يوحنا نصيف
قرأت منذ فترة، هذه النصائح الهامّة التي وجّهها البابا فرنسيس، إلى بعض الأساقفة والكهنة الكاثوليك في مقرّه البابوي، مُحَذِّرًا أيّاهم من خمسة عشر مرضًا يمكن أن تصيب المسؤولين في الكنيسة؛ وهي كالآتي:
1- مرض الشعور بأنّنا "خالِدون"، ومُحَصَّنون ولا غِنى عَنّا، ونتصرّف مِن هذا المنطَلَق مع الناس.
2- مرض "مرثا"، أي الانهماك في الأعمال، وترك قدميّ يسوع "مريم".
3- مرض التحجُّر، وفُقدان المشاعر والإحساس بالآخرين، والاختباء خلف المكاتب والأوراق، وكأنّنا موظّفون.
4- مرض التخطيط المُفرِط، وعدم ترك مساحة لعمل الروح، والرغبة في التحكُّم في كلّ شيء.
5- مرض سوء التنسيق، عندما لا نصغي لبعضنا، ونستغني عن بعضنا.
6- مرض "الزهايمر الروحي"، عندما ننسى عمل الله في حياتنا، ونركِّز على المنحوتات التي صنعتها أيادينا.
7- مرض التنافُس والمجد الباطل بالمناصب والالقاب، فنصير أشخاصًا مزيّفين.
8- مرض "الشيزوفرينيا الوجوديّة"، عندما نعيش في الخفاء حياة أخرى غير التي نُظهِرها أمام الناس.
9- مرض الثرثرة والتذمُّر والنميمة، فنتحوّل إلى "قَتَلَة بدم بارد".
10- مرض "تأليه القادة"، الذي يأتي من النفاق والوصوليّة.
١١- مرض عدم الإحساس بالآخرين، والشعور بالسعادة لسقوطهم. وتمجيد ذواتنا كأنّها مُخَلَّدة، حينما نشعر بالانتصار على الآخَرين. وننسى الربّ الذي قال أنّ المحبة لا تطلب ما لنفسها.
12- مرض "الوجه الجنائزي"، عندما نعتقد أنّ الجدية تتساوى مع العبوس، وأخذ مسافات من الآخرين. وتتحجّر قلوبنا وأحشاؤنا نحوهم.
13- مرض تكنيز الخيرات المادّيّة، لسَدّ الفراغ الوجودي بداخلنا، وعدم الاكتفاء بما هو ضروري فقط.
14- مرض "سرطان الدوائر المغلقة"، الذي يجعلنا ننغلق على مجموعة، ولا نرغب برؤية أو مقابلة أحد.
15- مرض المَكسَب الدنيوي، عندما نحاول أن نَظهَر على وسائل التواصل الإجتماعي لاستعراض قدراتنا، وأنّنا فقط الأقوى والأجدر.
ملاحظات:
هذه الأمراض تهاجم القادة والمسؤولين بوجه عام، ولكنّها قد تصيب الجميع.. لذلك فالتحذير منها مفيد للكلّ.
نحن كإكليروس في الكنيسة القبطيّة الأُرثوذكسيّة، نعاني من جميع هذه الأمراض بمقدارٍ ما، وبالذّات من الأمراض رقم 2 و5 و7 و10، و13.
تشخيص المرض والاعتراف بوجوده هو الخطوة الأولى في عمليّة الشفاء، وهذا يحتاج مِنّا لشجاعة كبيرة وتواضُع من أجل مواجهة ضعفاتنا بصراحة، وكشف جراحاتنا بالتفصيل، والتضَرُّع بانسحاق أمام الله.. حتّي يمدّ يده الحنونة بالشفاء، ويساعدنا في تغيير أفكارنا وتصرّفاتنا، كي تكون بحسب قلبه، ولتمجيد اسمه وحده، ولبنيان ونمو جسده في المحبّة..!
أمّا إذا تمسّكنا بالكبرياء، وحاولنا الحفاظ على مظهرنا من الخارج، وأنكرنا أصلاً وجود مثل هذه الأمراض المؤذية، مُدَّعين أنّنا الأفضل والأعظم والأقدس بين كلّ كنائس العالم.. فإنّ الأمراض ستظلّ تستشري وتتمكّن مِنّا، وتُسَبِّب المزيد من الضعف والألم والتعطيل لنموّ الكنيسة، بالإضافة إلى استمرار تشويه صورة المسيح التي من المفروض أن نعكسها للعالم.
أمّا كيفيّة مواجهة وعلاج هذه الأمراض بشكل جذري، فأرجو أن يعطيني الله نعمة لمناقشة ذلك في مقال قادم بإذن الله.