القمص اثناسيوس فهمي جورج
موسي النبي راي العليقة مشتعلة نارا متوقدة ( خر ٣ ) لكنها لم تحترق  ؛ فتعجب امام سرها المخفي ؟! وبينما هو يقترب ، سمع صوتا يخترق اذنيه وقلبه  : " موسي موسي " تلك المناداة بالتثنية ، التي تهز  كيان المنادي وتملئه رهبة ، فتسمر موسي وخلع نعليه لان الموضع مقدس !! وهو ما نفعله عندما ندخل الي مقادس الهنا . انها الحضرة الالهية لبيت الله وباب السماء .

ان الهنا يدعونا باسمأنا ، اله ابائنا وليس غيره الذي يعرفنا ويعلن لنا سر الاخلاء κένωσιδ الذي فعله ابن الله ،  كي يفدينا ويرقينا ويتمم خلاصنا وتحريرنا بالتدبير الثمين  .

لذلك نقف امامه حفاة الارجل ساجدين امام مجده الاقدس ، حتي يتكلم في داخلنا ويعلن لنا عن سر تجسده الذي يعبد في صمت ، فنري مجده كما لوحيد من الاب مملوءا نعمة وحقا .

اننا نقترب اليه عندما نخلع الاعمال الميته ولا نرتبك  او  نتعلق بتراب  العالم و تدابير للجسد وقيود لاجل الشهوات .. انه لقاء العليقة حيث تجسد الكلمة الخلاصي ووقت الاصلاح ، لخلع التصرف السابق للانسان العتيق الفاسد بحسب شهوات الغرور ، وقبول تجديد الروح والذهن ، ولباس نعمة الانسان الفاخر الجديد المخلوق بحسب الله في البر وقداسة الحق . ( اف ٤ : ٢٢ ) .

عند العليقة المشتعلة  نتجدد للمعرفة ،  ونخلع الثوب العتيق ،  ونغسل ارجلنا ولا نوسخها ، لاننا  سنموت عن الخطية ونسلك بلياقة كما بالنهار ونلبس الرب يسوع المسيح .

الله نفسه يكلمنا وهو نزل الينا لينقذنا ، ينادي علينا من وراء الدهور : طبيعته غير المنظورة اتحدت في الاقنوم بطبيعة منظورة ، وطبيعته غير المحدودة اتحدت بطبيعة محدودة ، وصار غير المنظور بالحقيقة منظورا ، وغير المحدود بالحقيقة محدودا من حيث انه صار   جسدا .  من غير امتزاج ولا افتراق ولا تغيير ، فلا  نار اللاهوت تغيرت طبيعتها ولا العليقة الخضراء  ،  هكذا حل الروح القدس في  حشا العذارء وبتوليتها مصونه - النار تشتعل والشجرة  خضراء ، والطبيعتان موجودتان ؛ طبيعة النار وطبيعة الشجرة موجودتان معا بغير فرقة ، طبيعة النار لم تغيرها ولم تطفئها خضرة الشجرة وخضرة الشجرة لم يغيرها  لهيب النار ، مثل لاهوت المسيح ابن الله الكلمة المتجسد بناسوته ، في اتحاد طبيعي في الاقنوم ، لم يفارقة لحظة ولا طرفة عين  .

العلقية تشتغل لكنها لا تحترق  ، وها خطايانا وزلاتنا ومعاصينا كلها ، قد محاها كغيمة  ، وموتنا لاشاه وعصايننا اباده . وانار لنا الحياة والخلود ، وعوض الشوك  والحسك ، منحنا الخيرات الكاملة والاحسان والبراءة الكلية .