ياسر أيوب
سباقات الدراجات كانت إحدى الألعاب التي احتاجت وقتًا طويلًا حتى يعترف العالم بحق النساء في ممارستها. بعض البلدان مثل مصر رأت ركوب المرأة للدراجة أمرًا لا يليق، لدرجة رفع لافتات مكتوب فيها على الدوار بنات المصنع جابولنا العار.. وذلك حين بدأت البنات استخدام الدراجات للوصول إلى مصنع الغزل والنسيج الجديد، الذي تم افتتاحه 1968 في قنا.. وبلدان أكثر مثل الولايات المتحدة وأوروبا رأت النساء أضعف من خوض سباقات الدراجات، التي تحتاج قوة وقدرة كبيرة على الاحتمال.
ورفضت اللجنة الأوليمبية الدولية منح النساء حق التسابق بالدراجات في الدورات الأوليمبية حتى لوس أنجلوس 1984.. وكان لابد من هذه الافتتاحية القصيرة قبل الحديث عن بطلة دراجات مصرية، اسمها ابتسام زايد، التي فازت منذ يومين بسباق الجراند بريكس في بولندا.. بطولة جديدة لابنة السويس، التي بدأت بممارسة أكثر من لعبة، لكنها أرادت الدراجات، إلا أنها فوجئت بأنه لا مكان لها هي وأى فتاة أخرى في هذه اللعبة.. ولم تستسلم ابتسام لسببين.. الأول هو شخصيتها، التي اكتسبت القوة والعناد من مصريتها وانتمائها إلى السويس كمدينة غير قابلة للكسر والاستسلام، والثانى هو نادى المؤسسة العسكرية بالسويس، حيث اكتشف مسؤولو النادى قوة ابتسام ورغبتها وإصرارها، فقرروا في 2009 احتضانها ورعايتها.. ولم تخذل ابتسام مدينتها وناديها، فبدأت تسابق الأخريات وتفوز عليهن.
وأصبحت بطلة الجمهورية للدراجات عامًا بعد عام ومرحلة سنية بعد أخرى.. ولم تكن بطولة مصر هي أقصى طموح لمقاتلة مصرية عنيدة تحدت الظروف والقيود، واختارت الدراجات منذ كانت في الثالثة عشرة من عمرها.. فأصبحت أولًا بطلة للعرب منذ 2011 ثم بطلة إفريقيا منذ 2013.. وفى 2016 تأهلت للمشاركة في دورة ريو دى جانيرو الأوليمبية، كأول لاعبة دراجات مصرية أوليمبية.
ولم تكن البطولات والميداليات هي وحدها ما تميزت به ابتسام.. إنما احتاجت في أوقات كثيرة ما اكتسبته من انتمائها إلى السويس وما تعلمته في المؤسسة العسكرية لتصبح من أكثر لاعبات مصر إصرارًا وصلابة.. فقد سبق أن سقطت من فوق دراجتها، وتعرضت لحوادث أثناء سباقاتها، وأجْرَت جراحات كثيرة، وكان كثيرون يتخيلون اعتزالها بعد كل حادثة أو جراحة، لكنها كانت تعود أقوى مما كانت.. وحين تزوجت العام الماضى تخيل كثيرون نهاية مشوارها مع سباقات الدراجات.. لكنها بدأت العام الحالى بالفوز بسباق إسبانيا، وتأهلت بعد إسبانيا لنهائى كأس العالم في إندونيسيا، وفازت بعدها ببطولة إفريقيا، ثم بطولة العرب، والآن تختتم العام بسباق بولندا.. وتبدأ مشوارًا جديدًا تحلم فيه بالتأهل لدورة باريس المقبلة لتبقى بطلة مصرية مسكونة بالكبرياء، ولا تعرف الخوف والتعب أو الضعف والاستسلام.
نقلا عن المصرى اليوم