ياسر أيوب
كتاب صدر منذ ست سنوات، لكنى لم أقرأه إلا مؤخرًا، ورأيته لا يزال صالحًا للاستخدام الكروى والإنسانى.. فهو من الكتب الكروية التى تجبرك على التفكير والتأمل وطرح الكثير من الأسئلة.
وقبل الحديث عن الكتاب، أتوقف أولًا أمام الكاتب الفيلسوف الإنجليزى «سايمون كريتشلى»، الذى إلى جانب تدريسه حاليا للفلسفة فى نيويورك ألَّفَ الكثير من الكتب عن الفلسفة والأخلاق والحياة.. ولم تتخط علاقة سايمون بكرة القدم فى أى وقت كونه مشجعا دائما لنادى ليفربول، بحكم الانتماء للمدينة التى ولد فيها، ولأن والده كان مشجعًا متعصبًا لليفربول.. ومع ذلك قرر فى 2017 أن يكتب عن كرة القدم كتابا اختار له عنوانًا غريبًا وغير تقليدى هو: «الذى نفكر فيه حين نفكر فى كرة القدم».. وقد يبدو الكتاب من بعيد أنه مجرد رؤية فلسفية لكرة القدم، لكنه فى الحقيقة يصبح رحلة ممتعة للبحث عن العلاقة بين كرة القدم والحياة من خلال الفلسفة.. فـ«سايمون» يرى أن كرة القدم فى زماننا الحالى هى الوحيدة القادرة على إنزال الفلسفة من أبراجها العاجية إلى الشارع، حيث كل الناس وحياتهم واهتماماتهم ومشاعرهم وأفكارهم وقضاياهم أيضًا.. كما أن كرة القدم هى إحدى أهم وسائل اكتشاف النفس.. فقد ينتمى كثيرون لنفس النادى بنفس الحب والاهتمام، لكنهم فى الواقع لا يتشابهون فى تشجيعهم أو رؤيتهم لناديهم.. ومهما حاول المشجعون إخفاء حقيقة تشجيعهم ليبقوا ضمن النسيج العام، إلا أنهم سيختلفون فى النهاية ما بين العاشق المتهور والمندفع والهادئ والحكيم والمجنون.
واستعرض «سايمون» الفوارق الكثيرة التى طرأت على كرة القدم خلال العشرين سنة الماضية، فقد تغير كل شىء فى اللعبة، من خطط لعب، لشكل ملاعب، وتصوير، وثياب، وكرات، إلا حب كرة القدم.. كأننا أمام نفس اللحن الذى لا يتغير مهما تغير العازفون وأدواتهم وآلاتهم.. والغريب فى حب كرة القدم ليس فقط أنه الحب الدائم الذى لا يعرف نهاية أو فراقًا أو مللًا أو اعتيادًا، أو أنه الحب الذى تذوب أمامه أى فوارق اجتماعية واقتصادية ومهنية ونفسية بين مشجعى كل فريق، إنما هو الحب الذى يحررك من أى قيود.. فقد تحب لاعبا يختلف عنك فى كل شىء، من ديانته، إلى عرقه، ولونه، ولغته.. وأيضا حب يسمح للعشاق بإجازات قصيرة جميلة حين تشاهد بطولة أو دورة بنفس الحماسة والاهتمام والمشاعر، رغم أن ناديك أو بلدك لا يشاركان فيها. ويرى «سايمون» أن الإنترنت قد غيّر شكل كرة القدم، فزاد من مساحة هذا الحب والتعبير عنه بمنتهى الحرية.. كما أنه جعل الحديث والكتابة عن كرة القدم أكثر عمقًا.
نقلا عن المصرى اليوم