كريمة كمال
شاهدت فيلمًا وثائقيًّا بهذا العنوان «وداعًا أورشليم». الفيلم يُعرض وسط الأحداث اليومية التى نتابعها من دك غزة إلى إبادة الفلسطينيين، والأسوأ كل هذا الدعم الغربى لإسرائيل.. الفيلم شد انتباهى جدًّا وتابعته بشغف شديد لأنه ببساطة يحكى عن صورة وواقع بعيد تمامًا عنّا.. الفيلم يحكى عن الليبراليين واليساريين والنشطاء الذين يسكنون القدس، والذين يبدو من الفيلم أن موقفهم من الاحتلال ومن الحكم العنصرى ضد الفلسطينيين وكل المشاهد اليومية التى تعكس هذا الحكم وعنفه فى المدينة العريقة مختلف تمامًا عن باقى الإسرائيليين، فهناك الإسرائيليون المتعصبون ضد الفلسطينيين، لكن هناك أيضًا مَن يرفضون هذا الواقع المزرى الذى تشهده المدينة، وهم النشطاء والليبراليون واليساريون الذين يتبنون موقفًا مختلفًا تمامًا.
الفيلم يحكى عن فتاة إسرائيلية تقف ضد كل ممارسات الاحتلال العنصرية ضد الفلسطينيين وكل الأنشطة التى يقوم بها، والتى تعكس موقفها الرافض للممارسات العنصرية، كما يحكى الفيلم عن مجند إسرائيلى شاب صغير السن جدًّا، ويتحدث الفيلم عن تجنيد صغار السن فى إسرائيل وعن هذا الشاب المجند الذى تم تجنيده، رغم أنه فى داخله يتبنى نفس الموقف الرافض للممارسات الإسرائيلية العنيفة، ويحكى عن كرهه كونه مجندًا وكرهه حتى لاهتمام الإسرائيليين به فى شوارع القدس لأنه جندى واحتفائهم به لأنه جندى، بينما هو فى داخله يكره كونه جنديًّا فى الجيش الإسرائيلى، ويتحمل أيامه فى الجندية بصعوبة شديدة، فهو لا يريد البقاء فى المدينة، التى تتنامى فيها الممارسات العنصرية، وعندما انتهت مدة تجنيده هرب منها إلى الجولان، حيث يقول إنه يحب الجولان.
هذا الفيلم شديد الأهمية لأنه يعكس موقف عدد من الإسرائيليين، وهو موقف يمكن أن يكون مؤثرًا بشدة بالذات فى الغرب، حيث يمكن أن يستمع الغربيون لرأى الإسرائيليين أكثر بكثير من أن يستمعوا لرأى العرب.. هذه الرؤية مهمة جدًّا لأنها تعكس موقف عدد من الإسرائيليين، الذين لا يعبر عنهم الإعلام المنحاز فى الغرب وعن وجهة نظرهم الرافضة لممارسات الاحتلال... لا أدرى كيف يمكن لنا أن نعضد هذا الفيلم وتكون لدينا إمكانية لعرضه على كثير من المنصات... أيضًا ربما ليس فقط هذا الفيلم، بل أى فيلم وثائقى آخر يمكن أن يكون مفيدًا للقضية.. لا أدرى إن كان الكثيرون منّا قد شاهدوا هذا الفيلم لأنه بالقطع يشكل أهمية، وهنا علينا أن نبحث عن مثيله من الأفلام التى تعبر عن القضية، والتى يمكن أن تلعب دورًا مهمًّا.
المهم هنا أن الأفلام الوثائقية مهمة جدًّا، وبشكل خاص التى تعكس ما يدور فى الأراضى المحتلة من كل الزوايا.. لذلك فإننى أتابع هذه الأفلام بالذات التى تُعرض على قناتين معينتين، وهنا يجب أن أتساءل لماذا لا يعرض التليفزيون المصرى الأفلام الوثائقية المهمة سواء كانت مصرية أو أجنبية لأنها تضيف المزيد من الوعى للمواطن المصرى الغارق فى تفاهة السوشيال ميديا.. هل يمكن أن يشاهد المصريون مثل هذا النوع من الأفلام الوثائقية، التى تدعم قضايانا المهمة، بدلًا من أن يغرقوا فى حكايات النميمة ومَن تزوج مَن ومَن طلق مَن وكيف أصبحت الفنانة فلانة بعد أن تقدم بها العمر والبحث عن حل اللغز الذى يدور حول نجمة أو نجم ليسا حتى نجمين على الأقل بالنسبة لى والصور الجريئة لفلانة أو فلانة؟!.. نحن فى أمَسّ الحاجة إلى مواد جيدة وجادة مثل الأفلام الوثائقية، فهل هناك مَن يستمع لنا؟.
نقلا المصرى اليوم