حمدي رزق
جماعة «ع القدس رايحين شهداء بالملايين» واقفين على قارعة تويتر «إكس» للكابتن محمد صلاح، يحاكمونه على طريقة محاكمة والى عكا فى فيلم (الناصر صلاح الدين).
تقريبًا بنفس المفردات، الخيانة والعِمالة وتجاهل أطفال غزة، والسبب زيارة (معايدة) اعتيادية ضمن طقوس فريق ليفربول قبيل أعياد الميلاد، زيارة ضمن نخبة من نجوم فريقه لمستشفى الأطفال البريطانى (ألدر هاى) للتخفيف عن الصغار بمناسبة أعياد الكريسماس.
هكذا سقط صلاح.. تقول لهم زيارة اعتيادية، وواجب اجتماعى، يرد عليك ببجاحة: أفكرتَ فى آلاف الأطفال فى غزة؟، وكأن صلاح هو مَن فتح غزة لتطأها جنود الاحتلال، تسحق بأحذيتها الغليظة بسمات الأطفال!!.
بلغ التخوين مبلغه، أصبح قلبك كمدينة بلا أسوار منذ نسيتَ أطفال غزة، فهان عليك تجاهل أطفال غزة وتعود أطفال ليفربول فى أعياد الميلاد، وترتدى مسوح الإفرنج، وكمان لابس شجرة الكريسماس، لقد جئتَ شيئًا نُكرًا، والنُّكْرُ أشدّ من الإمر!.
وتتوالى وقائع المحاكمة الهزلية صاخبة، ودفعه حبه لأطفال الفرنجة إلى أن يرتمى بين أحضان الإنجليز ونسى تقاليد الفروسية ونسى تقاليدنا المجيدة، ويُصدرون حكمهم على صلاح، من أجل ذلك يا صلاح أمرنا أن تنال عقاب المفسدين.. وما عقاب الذين خانوا الأمانات ويكيدون لإخوانهم ويلقون الفتنة إلا أن..
فى قلوبهم مرض من صلاح، زيارة صلاح (معايدة)، لمسة إنسانية، كيف هذا وأطفال غزة يُقبرون، كيف فعلها وأطفال غزة لا يجدون مَن يمسح دمعتهم، ويرد جوعتهم، ويروى ظمأهم؟، فاكرين صلاح بابا نويل، سيهبط من مركبة فضائية على خان يونس يواسى أطفال المخيمات، ويوفر الحليب للخُدَّج الرضع..!.
لا وإيه ومغتبط ومبسوط ولابس شجرة الميلاد فوق دماغه، زيارة أطفال ليفربول باتت من الكبائر، وشجرة الكريسماس من البدع، صلاح شق عصا الطاعة، صار إنجليزيًّا، لم يعد عربيًّا، وتطرف أحدهم بأنه خرج على التقاليد الإسلامية!.
القاعدون على أعجازهم تركوا عجزهم المخجل، ومسكوا فى فانلة صلاح، حَطُّوا عليه، قصفوا جبهته، لوّموه ولعنوه، أسخنوه تغريدًا وتتويتًا، ناقص يحرقوا صوره فى باحات «الأقصى».
وكأنه مطلوب من صلاح أن يخوض معارك الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، ويتفاعل مع الزلازل والبراكين والفيضانات، وكأن صلاح داخل فى حسابات «طوفان الأقصى»!!.
وعليه، مفروض صلاح يرفض عيادة أطفال ليفربول فى المستشفيات، ويرهن معايدته بحل الدولتين، ويمد أطفال غزة بمدد من عنده، وهم قعود عن الغوث.
صلاح تبرع، ما تأخر، كان أول المتبرعين، ولم يعلن من جانبه كرمًا، ينعون على صلاح لمساته الإنسانية، الاحتراف له قواعد حاكمة، اللى يلعب سياسة يبطل كورة، ممنوع خلط الرياضة بالسياسة، هل مطلوب من صلاح ولوج هذا الطريق، الذى يُقعده كرويًّا قبل الأوان، هل مطلوب من صلاح خوض معركة هو خاسر فيها لا محالة، على طريقة يا نعيش عيشة فل.. يا نموت إحنا الكل؟!!.
المزايدة على المصريين وكل ما هو مصرى تأخذ أشكالًا قبيحة، مزايدة على القيادة والشعب وعلى صلاح، بالمناسبة صلاح لم يزعم يومًا أنه صلاح الدين، محرر القدس، جر صلاح من قدميه إلى حقل الشوك مخطط خبيث من جماعة الإخوان.. مزايدة رخيصة، نصيحة روحوا على القدس شهداء بالملايين، وصلاح لن يتأخر عن زيارة الأطفال فى مستشفى الشفاء.
نقلا عن المصري اليوم