كتب - محرر الاقباط متحدون
وجه صاحب الغبطة بابا وبطريرك الإسكندرية وسائر أفريقيا البابا ثيودروس الثاني، رسالة بمناسبة عيد الميلاد المجيد لعام 2023.
يغمرنا الفرح والابتهاج باليوم العظيم المجيد يوم ميلاد ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح ، نحن نهتف باسم القوات السماوية المتجسدة قائلين: المجد الله في الأعالي وعلى الاض السلام وفى الناس المسرة".
ان الملائكة القديسين الذين ظهروا ليلة ميلاد الرب العلى فوق مغارة بيت لحم منذ عقود يسبحونه ويمجدونه حتى اليوم.
ان الطلب العالمي الخالد والمتفق عليه والنابع من قلوبنا جميعا منذ قرون عديدة ومع امنيات عيد الميلاد المجيد بان يعم العالم السلام .
والسعادة تأتي هنا سخرية القدر حيث ينتشر الآن الخوف والقلق والرعب في جميع انحاء العالم وذلك بعد تصاعد حدة الاحداث المأساوية الأخيرة في الشرق الأوسط.
فعندما يقتلع عدد لا يحصى من الأشخاص من أوطانهم ويزج بهم في طريق اللجوء المرير دون التفكير برحمة أو إنسانية في عواقب مثل هذه الأفعال، اننا نتألم حقا وبشكل لا يمكن وصفه او التعبير عنه من عبارة على الأرض السلام الغير مطبقة في ظل تلك الظروف الصعبة .
على مدار واحد وعشرون قرنا تلك الفترة التي تفصلنا زمنيا عن هذا الحدث الجليل وهو يوم التجسد الالهى لربنا يسوع المسيح والذي لم يتكرر مرة أخرى، تتذكر ملايين الأشخاص الذين ضحوا بأنفسهم وزج بهم في حروب عديدة وأريقت أطنان من الدماء في ساحات القتال.
صفحات التاريخ لا تعد ولا تحصى بتلك الاحداث الدموية المؤسفة التي يخجل البشر من سردها على مر العصور .
هل تساءلنا يوماً لماذا كل هذه الأحداث الإجابة هي لان البشر أرادوا دائما بناء عالم بدون الله، عالم بدون السلام الذي يمنحنا وحده إياه، بل لم يتردد البعض في انكار وجود الله من الأساس.
لقد طرده معظمنا من حياتنا اليومية لنضع مكانه ذاتنا الضعيفة وأنانيتنا وعواطفنا الغير مستقرة وسعادتنا المزيفة كما نطلق عليها نحن.
بل والأكثر أسفا ويدعونا للشعور بالخزي والمأساة أن بعض البشر يعتقدون أنه باستخدام اسم الله لهم الحق في احداث الخراب والدمار وابادة الأبرياء وترويع أمنهم بطرق شتى وتدمير جهود وثروات حياة بأكملها ، وتعذيب النساء و الأطفال الغزل ومحو مجتمعات بأكملها ونشر الخوف والفزع وانعدام الأمن .
ان السلام بحسب كلمة ربنا الأبدية والمعصومة من الخطأ يسير جنبا الى جنب مع العدالة ، ولكن طالما ان البشر يظلمون الآخرين ويضطهدونهم ويستغلونهم ويقللون من شأنهم فأن السلام لا يمكن ان يزدهر .
ان بطريركيتنا العريقة بطريركية الإسكندرية وسائر بلاد افريقيا والتي تقع في نطاق سلطتها الرعوية والقانونية القارة الافريقية بأكملها تشعر بالتجربة المباشرة والمريرة للشعوب التي تخدمها على مر القرون ، واستغلالهم الظالم والقاسي واستنزاف ثرواتهم وإنتاجهم واحداث الصراع بينهم بواسطة أقوياء الأرض وتهجيرهم من أماكن ميلادهم .
ابنائي المباركين: وفقا للتعاليم المسيحية فان السلام في المقام الأول هو عطية من الرب وثمرة الروح القدس.
نحن نشعر بالسلام عندما يسكن المسيح في قلوبنا وعندما نتبع في خطواتنا ويلهم سلوكنا شريعته الانجيلية الأبدية والغير قابلة للانتهاك .
تتعايش الشعوب والأمم بسلام وانسجام عندما نرى إخواننا من البشر كصور حية لله واذا احترمنا كرامة وحقوق الأخرين اشخاصا وشعوبا.
ان كلمات بولس الرسول عن مسيحنا هو سلامنا أفس 2:14) تؤكد لنا أن إنجيل المسيح بأكمله هو في الأساس علم السلام الوحيد في العالم.
بهذه الأفكار الأبوية نبارككم بحرارة ونحث كل واحد منكم على حدة:" افتحوا أبواب قلوبكم على مصراعيها حتى تمتلئ من سلام مسيحنا الممتلئ، (فيليب (5:7) ، بحضوركم وبكلماتكم وافعالكم في كل مكان وفي عائلتكم وفي بيئة عملكم وفي تعاملاتكم الودية والاجتماعية كونوا أناسا مسالمين - اسلكوا كأبناء النور" (أفس (5:7) .
و كما أوصى رسول الأمم العظيم بولس: واله السلام يكون معكم ، هذا السلام هو نتيجة الميلاد وعطية المسيح المتجسد ولكنها تمنح لمن يصلى ويجتهد فيها دون ان يرى احد الرب .
أتمنى ان يكون عام 2024 سعيد ومبارك وهادئ، عيد ميلاد سعيد وسلمي.