أيمن زكى

في مثل هذا اليوم تنيح القديس انبا خرستوذولوس السائح،  وكان صائغا من مدينة عين شمس، عاش أمينًا في عمله، تقيًا مهتمًا بخلاص نفسه فأراد عدو الخير أن يحطمه حيث حدث في أحد الأيام أتت إليه امرأة حسنة الصورة جميلة الطلعة، وقدمت له آنية من ذهب مهشمة، وبدأت تخادعه، فكشفت عن يديها وقالت له "يا معلم اعمل لهذه الأصابع خواتم، ولهاتين اليدين سوارين، ولهذا الصدر صليبا، ولهاتين الأذنين قرطين، فقال لها: "أنا اليوم مريض، وفي الغد لتكن إرادة الله" 
 
ثم قام لساعته وجمع كل أدواته ومضي إلى بيته، وبدا يعاتب نفسه قائلًا "يا نفسي لست اقوي من القديسين أمثال مقاريوس وأنطونيوس وباخوميوس وغيرهم الذين هربوا من العالم وسكنوا البراري، فاهربي من هذا العالم إن أردت الخلاص، 
 
ثم قص ما جري له علي والدته وسألها بدموع غزيرة إن تسمح له إن يمضي إلى البرية، فقالت له " إن كان الأمر كما ذكرت فأرشدني أولا إلى دير أترهب انا فيه، وأنت فليكن الرب معك"، 
 
فأخذها إلى أحد أديرة الراهبات وسلمها لرئيسته، وقدم لها حاجتها من المال، ثم وزع ما تبقي علي المساكين ومضي نحو الجبل،
 
وبعد مسيرة ثلاثة أيام ابصر ثلاثة رجال وبيد كل منهم صليب، يشع منه نور أبهى من نور الشمس، فقصدهم وتبارك منهم وسألهم إن يرشدوه إلى ما فيه خلاص نفسه، فأرشدوه إلى واد به أشجار مثمرة وعين ماء عذب، فلبث به عدة سنين، مداوما علي تلاوة المزامير والصوم الكثير، وكان يقتات من ثمر أشجار هذا الوادي.
 
ولما عجز الشيطان عن التغلب عليه ظهر لقوم أشرار في زيّ بربري وقال لهم "إن هناك كنزا عظيما في الوادي، وقد عثر عليه شخص وهو مقيم بجواره، هلموا معي لأريكم إياه"، فتبعوه إلى الجبل، ولكنهم لم يستطيعوا إن ينزلوا إلى الوادي، فذهب الشيطان في زيّ راهب إلى القديس خرستوذولوس وقال له "في اعلي الجبل رهبان ضلوا الطريق وقد أعياهم التعب وكاد يقتلهم العطش، فهلم إليهم ننزلهم ليأكلوا ويشربوا ويحيوا"، فرسم القديس علامة الصليب علي وجهه كعادة الرهبان، وللحال تحول الشيطان إلى دخان وغاب، وهكذا كان دائما يتغلب علي الشيطان بعلامة الصليب، وكان يتزايد في عبادته حتى بلغ سن الشيخوخة، 
 
ولما دنا يوم انتقاله اقبل إليه الثلاثة السواح الذين أرشدوه إلى الوادي فصلي الجميع معا، وبعد إن تباركوا من بعضهم البعض قالوا له: "الرب أرسلنا إليك لتخبرنا بسيرتك لنسطرها فائدة للأخوة، فاخبرهم بكل ما حدث له، وبعد إن مرض قليلا تنيح بسلام فصلوا عليه وواروا جسده التراب، 
 
بركه صلاته تكون معنا آمين...
و لالهنا المجد دائما ابديا امين...