Melvil Dewey
( 1851- 1931 )
إعداد/ ماجد كامل
لا شك أن النظام والترتيب هو أساس نجاح أى عمل ، وبدون النظام والترتيب الحياة كلها سوف تفشل ، ومن هنا جاءت أهمية العمل الذى قام به العالم الأمريكي ملفل ديوي Melvil Dewey ( 1851- 1931 ) . لتنظيم وفهرسة الكتب والمكتبات ،
تاريخ حياة ملفل ديوي :-
أما عن ملفل ديوى نفسه فأسمه بالكامل "ملفل لويس كوسوث ديوى Melvil Louis Kossuth Dewey فلقد ولد فى 10 ديسمبر 1851 في أحدي مدن نيويورك ، وهو أصغر خمس أطفال ولدوا من أسرة فقيرة ، وبالرغم من فقر الأسرة ، فلقد غرس فيه الوالد حب العمل الجاد مع الاقتصاد في كل شيء ، ولقد تميز ديوى منذ شبابه بحب النظام وترتيب كل شيء فى مكانه ، وبسبب فقره ، كان تعليمه بطيئا ، فلم يلتحق بالجامعة إلا فى سن متأخر نسبيا ، فدخل كلية أمهرست ، وتخرج فيها عام 1874 ، ولقد عمل خلال آخر سنتين من دراسته بمكتبة الكلية ، وأستمر فى العمل بها بعد تخرجه ، حتى حصل على الماجستير عام 1877 . وفى عام 1883 ، انتقل للعمل في مكتبة جامعة كولومبيا ، حيث عمل كبير أمناء المكتبة خلال الفترة من ( 1883 – 1888 ) . وأنتقل بعدها ‘إلي جامعة نيويورك حيث عمل كبير أمناء مكتبتها خلال الفترة من ( 1888- 1906 ) ولقد كان ديوى من مؤسسي جمعية المكتبات الأمريكية ( ALA ) ، وعمل رئيسا لتحريرها ، كما شغل ممصب أمين جمعية المكتبات الأمريكية ، كما أسس شركة خاصة لبيع مواد ومستلزمات المكتبة ، وأسس أول مدرسة لعلم المكتبات فى الجامعات الأمريكية ، وكانت فى جامعة كولومبيا . ولقد أستمر فى العمل والانتاج وتطوير العمل بخطته ، حتى توفى في 26 ديسمبر 1931 عن عمر يناهز 80 عاما .
تاريخ وتطور خطة التصنيف العشري :-
أما عن خطة التصنيف العشري التي وضعها ، فلقد نشرها أول مرة عام 1876 ، وفكرتها ببساطة تقوم على تقسيم المعرفة البشرية إلي عشرة اقسام رئيسية ، وقسمها حسب ترتيب احتياجات الإنسان الأولية ، فوضع الخطة التالية :-
1- ... – 99 المعارف العامة ( يهتم الإنسان بجمع المعارف المتنوعة ) .
2-من 100- 199 كتب الفلسفة وعلم النفس ( يهتم بالتفكير والشعور ) .
3- من 200- 299 الديانات ( يفكر فى الإله الخالق ويتخذ له دينا ) .
4- 300- 399 العلوم الإجتماعية ( يهتم بالتعايش مع الآخر ودراسته ) .
5- 400 - 499 اللغات ( يهتم بالتحدث مع غيره ) .
6- 500- 599 العلوم البحتة ( يهتم باكتشاف الأمور من حوله ) .
7- 600- 699 العلوم التطبيقية ( يهتم بتطبيق ما تعلمه من العلوم البحتة ) .
8- 700- 799 الفنون المختلفة ( يهتم بالجمال والتعرف عليه ) .
9- 800- 899 الآداب المختلفة ( يهتم بالتعبير عن مشاعره وأحساسيه ) .
10 من 900 – 999 التاريخ والجغرافيا ( يهتم بتسجيل الحوادث والرحلات ) .
وهذا هو ما أصطلح على تسميته بالخلاصة الأولى ، ثم قام بعدها بتقسيم كل فرع من هذه الفروع العشرة إلي عشرة أخرى فرعية ، فعلى سبيل المثال المعارف العامة قسمها إلي ( أعمال عامة – البيلبولوجرافيا والفهارس – علوم المكتبات – دوائر المعارف العامة- المطبوعات الدورية العامة – الجمعيات والمتاحف – الصحف المختلفة – المؤلفات المجمعة – المخطوطات والكتب النادرة ) . أما الفلسفة فلقد قسمها إلى ( ماوراء الطبيعة – الظواهر الخارقة – النظريات الميتافزيقية – الظواهر الخارقة – المباحث الفلسفية – علم النفس – المنطق – علم الأخلاق – الفلسفة القديمة والوسيطة والشرقية – الفلسفة الحديثة ) . وهكذا فعل مع بقية الفروع ، قسمها تقسيمات فرعيىة إلى عشرة ، فالعلوم البحتة مثلا قسمها إلي ( الرياضيات – الفلك – الفيزياء – الكيمياء – الجولوجيا – الحفريات – البيولوجيا – علم النبات – علم الحيوان ) . وكل شعبة تتفرع بدورها إلى عشرة شعب أخرى حسب طبيعة الموضوع ، وهكذا يستمر التقسيم العشري إلي ما لانهاية ، ولقد حرص ديوي علي تطوير خطته باستمرار ، ففى حياته وصل عدد الطبعات المطورة 13 خطة ، وأستمر علماء المكتبات من بعده يطورونها حتى وصلت إلي ما يزيد عن 23 طبعة .
تطور نظم تصنيف المعرفة عبر العصور :-
والجدير بالذكر أن ديوى لم يكن هو أول من أهتم بتصنيف المعرفة ، فالاهتمام بتصنيف المعرفة قديم قدم الإنسان نفسه ، فعلى سبيل المثال ، رصد التاريخ محاولة "آشور بانيبال " ( 686- 866 ق .م ) ،حيث استخدم فى الكتابة ألواحا من الطين ، حفظت فى مكتبة آشور ، وصنفت مكتبة آشور بانيبال إلي قسمين : القسم الأول سمى "علوم الأرض " ، والقسم الثانى سمى "علوم السماء " .ثم تم تقسيم كل من القسمين إلي أقسام فرعية . كما رصد التاريخ محاولة "كليماخوس Callimachus ( 310- 240 ق . م ) تقسيم محتويات مكتبة الإسكندرية القديمة إلى خمسة أقسام رئيسية هى :-
1-الشعر .
2-التاريخ .
3-الفلسفة .
4-الخطابة .
5-متفرقات .
( لمزيد من الشرح والتفصيل راجع :- شباهت حسين ، تصنيف ديوى العشرى مسح شامل لاتنين وعشرين طبع ، ترجمة رباح فوزى محمود ن تقديم ومراجعة محمد فتحى عبد الهادى ، دار الثقافة العلمية ، الطبعة الأولى ، 2010 ، الصفحات من13- 14 ) .
كما أهتم أفلاطون Plato ( 427 ق.م – 347 ق .م ) بوضع تحديد للمعرفة البشرية فى كتاب " الجمهورية " حيث قسم المعرفة البشرية إلى قسمين رئيسين :-
1-عالم المحسوس .
2-عالم المعقول .
وجاء بعده أرسطو Aristotle ( 348 ق .م – 322 ق .م ) فوضع ثلاثة أقسام رئيسة للمعرفة هى :-
1-العلوم البحتة .
2-العلوم العلمية وتشمل علوم الأخلاق والإقتصاد والسياسة .
30- علوم الشعر وتشمل البلاغة والجدل .
أما عن العلماء العرب والمسلمين ، فلقد قسم الكندي ( 805 – 873 م ) العلوم عند العرب إلي :علوم دينية ، وعلوم دنيوية . والفارابي ( 870- 950 م ) قسم المعرفة إلي خمسة أقسام هى ( علوم اللسان – المنطق والرياضيات – العلوم الطبيعة - العلوم الإلهية – العلوم والفقهية والكلمية ) . ثم جاء الخوارزمي ( 781- 847 م تقريبا ) حيث قسم المعرفة إلى (علوم شرعية – علوم فلسفية ) . وابن النديم ( ؟؟؟؟ - 994 م ) صاحب كتاب " الفهرست " الذى ذكر فيه عدد كبير من الكتب ،أهتم فيها بتقسيم المعرفة إلى عشر مقالات تحتوى على 34 فنا من الفنون المختلفة ( لمزيد من الشرح والتفصيل راجع : محمد احمد بغدادى ، التصنيف العشرى لأوعية المعلومات ،دراسة نظرية تطببيقية موجزة ، مراجعة السيد السيد النشار ، منشورات دار الثقافة العلمية ، سلسلة المكتبات والمعلومات ، السلسلة رقم 3 ، الإسكندرية ، 1996 ، الصفحات من 21- 27 ) .
وجاءت محاولة البيلوجرافى الفرنسى جابريل نودا Babriel Naude ( 1600- 1653 ) الذى قسم المعرفة إلي 12 قسما رئيسيا ، ثم محاولة البيبلوجرافي الفرنسى جاكوز شارلز برنت Jacues Charles Brunet ( 1780- 1867 ) الذى قسم أقسام المعرفة إلي خمسة أقسام رئيسية هى
1-اللاهوت .
2-فلسفة القانون ومبادئه .
3-التاريخ .
4-الفلسفة .
5-الأدب .
( شباهات حسين :- تصنيف ديوى العشرى ، مرجع سبق ذكره ، صفحتى 14 ،15 ) .
نظرية فرنسيس بيكون Francis Bacon ( 1561- 1626 م ) فى تقسيم المعرفة ومدى تأثر ديوى بها :-
ثم جاءت محاولة فرنسيس بيكون ، الذى أهتم كثيرا بدراسة تقسيم المعرفة الإنسانية ، فكتب كتاب " النهوض بالعليم البشري Advancement of Human Learning ، الذي نشره عام 1605 ، الذي يعد مرجعا شاملا للمعرفة منذ بداياتها حتى تاريخ نشر الكتاب ، ولقد ذكر فيه أن تقدم المعرفة البشرية يعتمد على ثلاث مهارات عقلية هى :-
1-الذاكرة :- التى تهتم بتسجيل التاريخ الذى قسمه إلى قسمين التاريخ الطبيعي ، والتاريخ المدنى .
2-التخيل : التى تنتج لنا الأدب والشعر .
3-التفكير :- الذى ينتج لنا الفلسفة التى تعتمد على العلوم ،ومنها أنبيق عنها العلم الإلهى ، والعلم الطبيعى .
ثم قام بيكون بتقسيم هذه العلوم إلى علوم فرعية ، فالتاريخ ينقسم إلى تاريخ طبيعى وتاريخ الإنسان وتاريخ الأدب .والفنون تنقسم بدورها إلى دراما وقصة وفنون وصفية ، أما الفلسفة فتشمل علوم الطبيعة وعلوم الإنسان وعلوم الإلهيات .
( محمد أحمد بغدادى : التصنيف العشرى لأوعية المعلومات دراسة نظرية تطبيقية موجزة ، منشورات دار الثقافة العلمية ،سلسلة المكتبات والمعلومات ، السلية رقم 3 ،1996 ، صفحتي 21 ،22 ) .
تأثير نظرية بيكون على من هاريس وديوى :-
ولقد تركت نظرية بيكون تاثيرا كبيرا فى كثير من المكتبات ، منها مكتبة بودلى فى جامعة أكسفورد ، وكانت مخطط أساسى لتقسيم مكتبة الكونجرس ،وأساس تصنيف هاريس William Torrey Harris ( 1835 – 1909 ) . لمكتبة سانت لويس العامة ، فلقد قام هاريس عام 1870 بوضع تصنيف للمكتبة يقوم على أساس تقسيم بيكون ولكن بشكل مقلوب ، حيث بدأ بالعلوم وأنتهى بالتاريخ فى حين بدأ بيكون بالتاريخ . ثم جاء ديوي من بعده عام 1876 الذي أستفاد كثيرا من تقسيم هاريس ، وسوف نوضح الفروق بين تقسيم بيكون وهاريس وديوي فى النقاط التالية :-
أولا :- تصنيف بيكون للمعرفة :-
1-التاريخ .
2-الشعر .
3-الفلسفة .
ثانيا :- تقسيم هاريس للمعرفة :-
1- العلوم – الفلسفة – الدين – علم الاجتماع – العلوم الطبيعية – العلوم النافعة .
2- الفنون الجميلة - الشعر – القصص – متفرقات أدبية .
3- الجغرافيا والرحلات – التاريخ – الملاحق – متفرقات .
ثالثا :- تقسيم ديوى للمعرفة :-
1-المعارف العامة- الفلسفة – الدين علوم الاجتماع – اللغات – العلوم البحتة – العلوم التطبيقية .
2-الفنون الجميلة – الآداب .
3-التاريخ – التراجم – الجغرافيا والرحلات .
خطط التصنيف المتعددة التى ظهرت بعد ديوى :-
والجدير بالذكر أنه ظهرت بعد ديوى خطط تصنيف أخرى مثل خطة كتر Charles Ammi Cutter ( 1837- 1903 ) والتى عرفت بنظام " التصنيف الواسع " Expansive Classification ، و ظهرت عام 1891 . وخطة تصنيف مكتبة الكونجرس التى ظهرت عام عام 1902 . والتصنيف الموضوعي Subject Classification لجيمس داف براون James Duff Brown ( 1862- 1914 ) الذي وضع عام 1906 . والتصنيف البيبلوجرافي Bibliographic Classification الذي وضعه هنري ايفلين بليس Henry Evelyn Bliss ( 1870- 1955 ) ، الذى وضعه عام 1935 .
( محمد أحمد بغدادي : التصنيف العشرى ، مرجع سبق ذكره ، صفحة 27 ) .
مصادر ومراجع المقالة :-
1- شباهت حسين ، تصنيف ديوى العشرى مسح شامل لاتنين وعشرين طبع ، ترجمة رباح فوزى محمود ن تقديم ومراجعة محمد فتحى عبد الهادى ، دار الثقافة العلمية ، الطبعة الأولى ، 2010 .
2- محمد أحمد بغدادى :- التصنيف العشرى لأوعية المعلومات ، دراسة نظرية تطبيقية موجزة لخطة ديوى العشرى "الطبعة العشرون " مراجعة السيد السيد النشار ، 1996 .