ياسر أيوب
ثلاثون صحفية وصحفيًا فى القسم الرياضى لجريدة «نيويورك تايمز».. اجتمعت بهم فى يوليو الماضى مونيكا دراك، نائبة مدير التحرير، لإبلاغهم بقرار الإدارة بإلغاء القسم الرياضى.. وأمام ردود الأفعال التى كانت خليطًا من الصدمة والحزن والغضب والخوف من المجهول.. أرسل سولزبرجر، ناشر الجريدة الشهيرة والعريقة، رسالة للجميع أكد فيها أن الأخبار بشكل عام لم يعد لها مكان أو ضرورة فى صحافة الورق.. وأن إلغاء القسم الرياضى لا يعنى التشكيك فى قدرات الصحفيين أو الانتقاص من مكانتهم وكفاءتهم.. إنما هو واقع إعلامى جديد لابد من التعامل معه بجدية واحترام واهتمام لمصلحة الجريدة وقرائها.. وأن صحافة الورق التى لاتزال تجرى وراء الخبر هى صحافة اختارت الموت بكامل إرادتها..
وطمأنت الجريدة هؤلاء الصحفيين بأنها لن تستغنى عن أىٍّ منهم إنما ستستعين بهم فى أقسام أخرى، مثل سياسة أو اقتصاد أو فنون أو مجتمع أو علوم بشرط تطوير أنفسهم وعدم التعامل مع مهنتهم بأى قواعد وأفكار قديمة.. وبدأت «نيويورك تايمز» بعدها تعتمد على مقالات وحكايات رياضية من الموقع الإلكترونى «ذا أثليتيك» الذى اشترته مجموعة «تايمز» فى يناير 2022 بنصف مليار دولار.. وكان هذا القرار متوقعًا من إدارة جريدة كبرى كانت الأولى فى العالم التى تتوقف عن نشر الأخبار لعدم استطاعتها منافسة قنوات التليفزيون والمواقع الإلكترونية التى تنشر الأخبار فور وقوعها، واكتفت بالبحث والتحليل والتوثيق.. وبالتأكيد كانت خطوة فاصلة فى تاريخ ومسار الإعلام الرياضى ما قررته وأرادته «نيويورك تايمز» فى 2023..
العام الذى بدأ بوفاة باربرا والترز، التى ظلت خمسين سنة هى المذيعة السياسية الأهم فى العالم، ومع ذلك كانت المرأة القوية التى أعادت الاعتبار للرياضة ونجومها، والتى لم تتعامل مع الألعاب كتسلية وترفيه ولكنها رأت الرياضة بقضاياها وحكاياتها لا تقل أهمية ومكانة عن السياسة والاقتصاد والفن والثقافة.. وحرصت على استضافة نجوم الرياضة والتعامل معهم بمنتهى الجدية والوقار والاحترام بشكل لا يقل مطلقًا عن تعاملها مع أى ملك أو رئيس، فغيرت من رؤية إعلام العالم للرياضة ونجومها..
أما نهاية نفس العام فقد شهدت فضيحة المجلة الأمريكية الشهيرة «سبورتس إيلاستريتد» التى كانت أول مجلة رياضية أمريكية، والأولى فى العالم فى كل مجالات الصحافة التى يتخطى توزيعها مليون نسخة.. وتم اكتشاف أن المجلة تنشر مقالات وموضوعات صحفية بأسماء وصور صحفيين لا وجود لهم إنما تمت كتابتها بالذكاء الاصطناعى.. وأمام غضب وثورة الصحفيين الأمريكيين قام مسؤولو الشركة المالكة للمجلة بفصل المسؤول عن التحرير.. وأكد محررو المجلة أن ما جرى يدفعهم للشك بكل ما تعلموه وكل ما يؤمنون به عن مهنة الصحافة وقواعدها وأخلاقها، وكل توقعاتهم للمستقبل أيضًا.
نقلا عن المصرى اليوم