محرر الأقباط متحدون
خلال ترأسه القداس الإلهي في بيت لحم ليلة عيد الميلاد تطرق القدس للاتين '>بطريرك القدس للاتين الكاردينال بيرباتيستا بيتسابالا إلى مأساة الحرب التي تعيشها الأرض المقدسة ويعاني منها الفلسطينيون والإسرائيليون على حد سواء، متوقفا بنوع خاص عند معاناة سكان غزة ولافتا إلى أنه يبدو أنه لم يعد يوجد لديهم مكان في أرضهم. وأكد أنه يصلي على نية انتشار إنجيل السلام في العالم كله.
استهل غبطته العظة متحدثا عن إنجيل الميلاد وأشار إلى أن مريم ويوسف لم يجدا لهما مكانا في بيت لحم، وفي الطريقة نفسها يبدو أنه لا يوجد اليوم مكان لعيد الميلاد والفرح والسلام، لأن الجميع يعانون من الألم، وهذا ينطبق على الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء. وقال إنه لا يوجد مكان لأهالي غزة الذين فقدوا بيوتهم، ولا يجد الشعب الفلسطيني مكانا له في أرضه، في وقت ينتظر فيه منذ عقود أن تتوصل الجماعة الدولية إلى حل يضع حدا للاحتلال، وبانتظار الحلول يبقى كل طرف أسير الألم والحقد والكراهية.
بعدها تساءل الكاردينال بيتسابالا أين يمكن أن يولد الطفل يسوع، إذ يبدو أنه لا يوجد مكان له في عالمنا هذا؟ أين هو اليوم مكان الميلاد؟ وأجاب قائلا إن الله يجد لنفسه دائماً مكاناً لميلاده، حتى في تلك الظروف المأساوية إذ يستطيع أن يوفر لنفسه مكاناً حتى في أكثر القلوب قساوة. وذكّر غبطته المؤمنين المشاركين في القداس بأن الله شاء أن يخلص الإنسان وقد وهبنا ابنه. ويتعين على الكنيسة في الظرف الراهن أن تعود إلى الله، وإلى محبته، إذا أرادت فعلاً أن تكتشف مجدداً الفرح الحقيقي للميلاد، وإذا أرادت أن تلتقي بالمخلص. ولفت في هذا السياق إلى أن العنف والتسلط على الآخر يجدان جذورهما في نسيان الله وتشويه صورته واستخدامها لأغراض أخرى، وإقامة علاقة دينية مزيفة معه، تماما كما يحصل غالباً في الأرض المقدسة. وشدد أن لا أحد يستطيع أن يدعو الله "أباً" إن لم يدعو الآخر "أخا"، مضيفا: إن لم نجد الله في حياتنا، سنضيّع حتماً درب الميلاد وسنجد أنفسنا وحيدين في العتمة نسير بلا هدف، ونقع فريسة غرائزنا العنيفة والأنانية.
هذا ثم اعتبر الكاردينال بيتسابالا أن الميلاد وجد فسحة له في كلمة "نعم" التي قالها يوسف ومريم، ويجد فسحة له أيضا حيثما يكون الإنسان مستعداً لتكريس حياته خدمةً للسلام المتأتي من العلى، ولا يكتفي بالاعتناء بمصالحه الخاصة. من هذا المنطلق شدد القدس للاتين '>بطريرك القدس للاتين على ضرورة أن يكثّف الجميع مبادرات الأخوة والسلام والضيافة والغفران والمصالحة. كما لا بد أن يبدأ الالتزام من الأشخاص في موقع المسؤولية الاجتماعية والسياسية والدينية كي تبصر النور ذهنية الـ"نعم" في مواجهة إستراتيجية الـ"لا". وينبغي أن يقول الجميع نعم للخير، والسلام والحوار، وهذه الـ"نعم" يجب ألا تقتصر على الكلام إذ لا بد أن تُترجم إلى التزام مسؤول، لأن العدالة لن تتحقق ولن يتحقق السلام بمعزل عن الجهوزية والسخاء.
تابع الكاردينال بيتسابالا عظته متمنيا أن تكون الكنيسة في الأرض المقدسة وكل كنيسة بيتاً للجميع، وفسحة للمصالحة والمغفرة للباحثين عن الفرح والسلام. وأمل أن تعبر كنائس العالم، تجاه الشعوب والحكام، عن رغبتها في تحقيق ما يصب في صالح سكان الأرض المقدسة وفي وقف الاقتتال في المنطقة. وقال غبطته بعدها إنه يصلي كي يولد الطفل يسوع في قلوب الحكام والمسؤولين عن الأمم فيعملوا جدياً من أجل وقف الحرب ومن أجل استئناف الحوار الذي يقود إلى حلول عادلة وكريمة ونهائية لكلا الشعبين. واعتبر في الختام أن المأساة الراهنة تدعو إلى عدم إرجاء الأمور إلى المستقبل بل إلى حل الصراع من جذوره، من خلال القضاء على الأسباب الكامنة وراءه وفتح آفاق جديدة للعدالة بالنسبة لجميع سكان الأرض المقدسة والمنطقة بأسرها.